في سوق الأسهم السعودية بدأت الشركات السعودية المساهمة صغيرة الحجم من حيث رأس المال، وهذا أمر طبيعي في سوق ناشئة، حتى إن بعض البنوك السعودية بدأت برأسمال صغير جداً لا يتناسب مع البنوك، فمثلاً، بنك الاستثمار بدأ برأسمال بلغ 90 مليون ريال فقط (24 مليون دولار)، وهذا مبلغ بسيط إذا ما قُورن بالبنوك العالمية، ومصرف الراجحي بدأ برأسمال قدره 750 مليون ريال (200 مليون دولار)، علماً بأنه مصرف عريق، ولم يُطرح بصفته شركة مساهمة سوى في عام 1989 ميلادية، أي طُرح حديثاً، ولأن نشاط البنوك قابل للتوسع، وتوافقاً مع «اتفاقيات بازل» فقد تمّ رفع رأسمال البنك عدة مرات، ليصل إلى 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار)، ومثله بقية البنوك رفعت رؤوس أموالها.
ولن أستطرد في ذلك كثيراً؛ لأن كل البنوك السعودية رفعت رؤوس أموالها، سواء عن طريق الرسملة، وهي ما يسميه المتعاملون المنح المجاني، أو عن طريق حقوق الأولوية وبعلاوة إصدار، وما يُقال عن البنوك السعودية يمكن إدراجه جزئياً على بقية الشركات، فعلى سبيل المثال لا الحصر رفعت شركة «سابك» رأسمالها من خمسة مليارات ريال (1.3 مليار دولار) إلى 30 مليار ريال (8 مليارات دولار)، ولكن بقيت في السوق شركات صغيرة ومتوسطة، وقد كانت هذه الشركات تربح نتيجة بعض التسهيلات الحكومية، ومن أهمها أسعار الوقود واللقيم.
فقد كانت السعودية ترفع أسعار الوقود واللقيم تدريجياً، لتتوافق مع النظم العالمية الناظمة لذلك، ومع ارتفاع أسعار الوقود واللقيم في السعودية وإعلان بعض الشركات ارتفاع التكاليف عليها، ونتيجة لهذا الرفع؛ فقد أصبح من الضروري أن تفكّر هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة، لا سيما شركات البتروكيماويات والأسمنت والشركات الأخرى ذات النشاط المتماثل في الاندماج، لمجابهة هذه التكاليف، فالاندماج يخفّف أعباء الإدارة ويخفّض تكاليف التسويق، ويُعطي قوة عند التفاوض للمشتريات، ويجب أن تتخلّى مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية عن مكاسبها الشخصية؛ لتفكر في مصالح الملاك، وهم في الغالب أعضاء في مجالس الإدارات.
وإذا نظرنا إلى السوق فسنجد أن شركة «الصحراء للبتروكيماويات»، وشركة «سبكيم» قد اندمجتا في وقت سابق، وخلقتا كياناً جيداً تحت اسم «سبكيم العالمية»، كما نجد أن بعض البنوك قد اندمجت بعضها مع بعض لتكوين بنك قوي، مثل اندماج البنك الأهلي مع البنك الأميركي، واندماج البنك السعودي الهولندي مع البنك السعودي البريطاني، ومن قبلها اندماج بنك القاهرة مع البنك المتحد، فإذا كانت البنوك قد سعت للدمج فمن باب أولى أن تسعى الشركات الصغيرة والمتوسطة المتشابهة في النشاط للاندماج، لمجابهة تحديات التغيير وتغليب مصالح حملة الأسهم بدلاً من المصالح الشخصية، وإلا فسيكون مصيرها الفناء، لذلك وجب عليها مواكبة المرحلة. ودمتم.