"أشندا" عيد بلوغ الفتيات سن الرشد في تيغراي

منذ 1 سنة 115

تحافظ إثيوبيا على خصوصيات مميزة في أعيادها المرتبطة بالتقاليد والعادات المختلفة وعكس النظام الفيدرالي تباينات الثقافات لدى الشعوب الإثيوبية التي تنطلق في خصوصياتها من بيئات تغذي تلك العادات وتحافظ القوميات المختلفة على ممارسة تقاليدها.

ويقول الصحافي أنور إبراهيم إن "احتفال أشندا هو عيد سنوي للأطفال تحتفي به قومية تيغراي على طريقتها بفتياتها لبلوغهن سن الرشد وتستمر المناسبة أياماً عدة، وللمناسبة ملابس خاصة ذات ألوان جذابة ولها تقاليدها الخاصة"، ويضيف "أشندا كلمة تخص قومية تيغراي وأصلها وفق القاموس الأمهري الجديد ’سندا‘، وتعني الورق الذي تنزل عليه المياه بطريقة منظمة ثم تحولت السين إلى شين لتكون أشندا، وتبعاً لذلك، تستخدم الفتيات نباتاً مخضراً ينسجم مع ملابسهن، ومن ثم يخرجن في مجموعات صغيرة إلى الشوارع لإحياء احتفالهن الخاص".

829416-90852270.png

وكل مجموعة تتكون من خمس إلى 10 فتيات وتحمل المجموعات دفوفها وتنشد مغنياتها أغاني خاصة بالمناسبة، وتردد بقية الفتيات المرافقات الأغاني الشعبية في حماسة وانسجام، بينما يعلو صوت الدفوف، وتقصد هذه المجموعات أماكن التجمعات مثل الأسواق والمطاعم والمقاهي تقدم فنها من دون استئذان وتنتظر ما يجود به بعضهم عليها من هدايا ومال"، ويوضح الصحافي إبراهيم أيضاً أن "المناسبة ترتبط بتاريخ معيّن عادة ما يكون في نهاية موسم المطر من كل عام، إذ يخرج نبات الأشندا الذي تسمى به المناسبة. وتربط الفتيات أوساطهن بالنبات فوق ما يرتدين من ملابس وتمتد الاحتفالات أربعة أيام أو أكثر، بحسب البرامج والتفاعل مع المناسبة في مختلف الأماكن، ولا تقتصر الفعاليات على إقليم تيغراي وحده إذ تشمل كل مناطق انتشار أفراد هذه القومية وتجذب الاحتفالات جميع الناس، بخاصة في العاصمة أديس أبابا حيث تتعدد تجمعات الفتيات وتتسع الأماكن التي يذهبن إليها في الساحات والمسارح وغيرها".

منذ زمن بعيد

ويوضح الباحث الاجتماعي عمر خضر أحمد أن "احتفالية أشندا هي مناسبة خاصة بقومية تيغراي لا يعرف تاريخ لبدئها، إلا أنها ظلت تمارس منذ زمن بعيد وهي ربما تعني بلوغ الفتاة سن الرشد وما يتبع ذلك من مظاهر الجمال، كما أنها تعني لمجتمع تيغراي نموه وتطوره على المستوى الاجتماعي وكذلك الفني لما تمثله المناسبة من حفاظ وتجديد لفن هذه القومية وتراثها"، ويتابع "ويقول بعض المؤرخين إن عيد أشندا له أصل في الكتب المقدسة للعهد القديم الذي يسميه الإثيوبيون بلو كيدان".

وتأتي مناسبة "أشندا" عادة بعد أداء عبادة الصوم، وهو صوم مصغر لمدة 15 يوماً لشعب الديانة الأرثوذكسية، ويوافق تاريخه دائماً في الـ16 من أغسطس (آب) بحسب التقويم الإثيوبي، وتأتي المناسبة في الشهر المذكور وتكون مثل عيد الفطر لأنها توافق يوم الإفطار عندهم بعد الصيام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع خضر "يهتم الآباء بشراء الملابس الملونة لبناتهن وما هن بحاجة إليه من مستلزمات للمناسبة، وتشارك الأسر فتياتها في تجهيز الطعام وكل الحاجات الخاصة بها، والفتيات أنفسهن يحضّرن للمناسبة ويجتمعن في كل قرية أو حي ويكملن الاستعدادات للمناسبة قبل حلولها بوقت مبكر، وكل حاجات النقل إلى خارج إقليم تيغراي بما في ذلك العاصمة أديس أبابا، والمناسبة لها وجهة اجتماعية مهمة للأطفال أيضاً، كما تمثل فرصة واسعة للشباب لاختيار زوجاتهم".

تنافس قومي

وفي إثيوبيا ما يزيد على 80 قومية تتقدمها قومية "الأورومو" غرب البلاد ووسطها وقومية "الأمهرة" شمال البلاد وشمال شرقها وقومية "التيغراي" في الشمال والقومية الصومالية في الشرق، إلى جانب قوميات "العفر" و"القراقي" والقومية "الهررية" وقومية "بني شنقول - قمز" وقوميات جنوب إثيوبيا الموزعة في مساحات متفاوتة، وكل قومية لها طقوسها وعاداتها واحتفالاتها المتعددة.

ويقابل عيد "أشندا" عند قومية "تيغراي" عيد مشابه لدى قومية "الأورومو" يعرف باسم عيد "إريتشا" أو "عيد الشكر"، وهو مناسبة ذات ارتباط ديني وحياتي درجت هذه القومية على الاحتفال به كل عام بعد انتهاء موسم الأمطار، ويمثل قدوم "رأس السنة الإثيوبية" عيداً قومياً جامعاً لكل القوميات الإثيوبية.

كما تحتفل قومية "هرر" ذات الإرث الإسلامي العريق بـ"عيد عاشوراء" سنوياً وتشجع الدولة هذه التباينات في العادات والتقاليد كإرث قومي مشترك لكل شعوب البلاد.

"أشندا" والسلام

ويقول الصحافي أنور إبراهيم "تأتي احتفالية أشندا هذا العام وقد عم السلام ربوع تيغراي، مما يعطي المناسبة معاني مغايرة لسنين خلت خلال الحرب، وكانت هناك توقعات ألا تتم إقامة احتفال كبير للمناسبة، لكن الشباب والنساء في تيغراي أصروا على تنظيم احتفال مميز، وبالفعل شهدت الفعاليات هذا العام حضوراً كبيراً من خارج إثيوبيا، واستعرض المحتفلون ثقافة تيغراي في المحافل والمسارح في أميركا والدول الأوروبية وغيرها، وفي أديس أبابا قدمت فتيات عدداً من الأغاني النضالية التي كانت ممنوعة خلال فترة الحرب، وكان المهرجان مميزاً للغاية ولاقى تغطية إعلامية لافتة أيضاً".