♦ الملخص:
امرأة دعت الله بأمر، فتحقق، لكنها وجدت في نفسها على أناسٍ تحقق لهم الأمر نفسه، وتسأل: ما الحل لهذه المشكلة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا امرأة أسعى - بعد توفيق الله - إلى إصلاح قلبي باستمرار، وعلى مدى سنوات طويلة وصلتُ إلى مرحلة جميلة من السلام النفسي، ولله الحمد من قبل ومن بعد، منذ فترة تمنيت أمرًا، وحققه الله تعالى لي، ولاحظت نفسي بعدما تحقق لي هذا الأمر أنني كلما سمعت أحدًا تحقق معه الأمر ذاته، أشعر بحزن وغيظ، ومع أنني أستغفر الله في حينها، لكن الشعور يُلح عليَّ حتى يكاد عقلي ينفجر من محاربة الشعور، ولاحظت أيضًا أن هذ الغيظ إنما هو تجاه أشخاص بأعينهم، أصابني اليأس من إصلاح نفسي؛ ما حدا بي إلى اكتئاب يزداد يومًا بعد يوم، أرجو منكم النصيحة، وتوضيح ما إذا كان السبب متجذرًا منذ الطفولة، وهل أستطيع إصلاحه بعون الله؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ثم الحمد لله الذي جعل الإنسان على نفسه بصيرًا، والحمد لله أن جعل التواصي والتناصح دينًا بين المسلمين يدينون به لله عز وجل؛ أما بعد:
فقد أسعدتني رسالتكِ أختي الطيبة؛ لأنها رغم قسوة ما تشعرين به تدل على أنكِ بصيرة، مراقِبة لنفسكِ ولقلبكِ، وما إن يتسرب إليها بعض أمراضها، إلا وتسعين في شفائه، وهذا – والله – فضل، ولا يدل إلا على قلب حي، فاحمدي الله على ذلك، وسَلَيه في عليائه الشفاءَ.
أولًا: اجعلي ما حققتِهِ وراء ظهركِ، وابحثي عن الأعظم، وهذا دأب الإنسان الناجح؛ فيهون في عينكِ ما حازه الآخرون، وتسعدي بأنكِ طموحة ساعية في الدنيا بما يجب.
ثانيًا: هذا الشعور من الشيطان، فأكثري من الاستعاذة بالله؛ فلها فضل عظيم، ثم أكثري من الذكر؛ فهو حصن القلب من الحسد وغيره مما يشوب القلوب.
ثالثًا: تأملي ورددي كثيرًا قوله تعالى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2].
أين نحن يا حبيبة من إرادة الله عز وجل؟ فما آتاكِ إياه بقدر، وما آتاه غيركِ بقدر، والعاقل لا يأخذه الفرح بعطاء، ولا يميته الحزن بسلب، فكلُّ أمرنا خير.
رابعًا: لا تراقبي أحدًا؛ فكل إنسان لا يبدو منه إلا النِّعَم، ولكنْ خلف هذه النعم البادية نيران مشتعلة، لا يعلمها إلا الله، فدَعِي الخلق للخالق، هذا عنده، وهذا ما عنده، لا يشغلنا؛ فالله وحده الوهاب والعليم بالخبايا، وأكبر دليل على ذلك أنتِ نفسكِ، فقد آتاكِ الله شيئًا تمنيتِهِ كثيرًا، وتشعرين بقيمته، حتى إنكِ لا تتمنين أن يأخذ أحد مثلما أعطاكِ الله، وما النتيجة؟ نار مشتعلة في صدركِ تحرمكِ الراحة والتنعم، وهكذا الناس.
الإيمان العميق وحده هو ما يعين القلوب على مواصلة السير، فاستعيني على نفسكِ بالذكر، واجعلي لكِ وردًا من القرآن الكريم، وتجاهلي أحوال الناس، وقلِّلي من الخلطة بمن يؤذيكِ قدر المستطاع، دون قطيعة رحم بالطبع، هداكِ الله، ويسر لكِ الخير.