♦ الملخص:
رجل متزوِّج، لديه بنتان، اكتشف خيانة زوجته له، عن طريق الهاتف ووسائل التواصل، فأغلق كل شيء في هاتفها، إلا الاتصال، وجعله تحت رقابته، زوجته متكبرة، تسيء معاملته، وتحب المال جدًّا، وتشوه صورته عند أهلها بأنه لا ينفق عليها، وهو لا يستطيع أن ينسى لها خيانتها، ويريد أن يبوح بخيانتها لأهلها، ولا يستطيع لذلك كتمانًا، ويسأل: ما الرأي؟
♦ التفاصيل:
تزوجت منذ سبع سنوات، ولديَّ بنتان، زوجتي سيئة الخُلُق، وعصبية، ولا تطيع أوامري ونصحي، وتحب المال حبًّا جمًّا، قبل أربعة أشهر، اكتشفت أن زوجتي على علاقة برجل آخر، عن طريق الهاتف، ووسائل التواصل الاجتماعي، وعلمت أن علاقتهما قائمة منذ سنة، والتواصل كان على مستوى الرسائل والصوت والفيديو، والرسائل التي بينهما رسائل عاطفية وجنسية، وقد اتهمتني فيها بالضعف الجنسي، وذكرت عدم رغبتها في معاشرتي، أغلقت كل ما في هاتفها، ولم أبقِ لها إلا الاتصال، تحت مراقبتي، أحاول التصبر وعدم فضحها عند أهلها، وكلما تذكرت ما حدث منها، نفرت منها وكرهتها، انتابني الفضول للتصنت على مكالماتها مع أمها وأخواتها، فسمعتها تسبني وتفتري عليَّ بأني لا أعطيها مالًا؛ فأصبحت في حالة نفسية يُرثى لها؛ فأنا أسترها، وهي تسبني وتشوِّه صورتي، فهل أصارح أهلها بما عملت حتى يعرفوا حقيقتها، أم أصبر وأكظم غيظي؟ إن طبيعتها المتعالية هي وأفراد أسرتها - وهي أسرة غنية - ونظرتهم لمن دونهم باحتقار وازدراء - يدعوني إلى مصارحتهم بحقيقتها، ويخرق جدار الصبر عندي، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فلا شكَّ أن الانحرافات العاطفية فيها من ظلم النفس أولًا بالتقصير في حق الله تعالى، ثم انتهاك حرمة الحياة الزوجية.
ولذلك لا بد من مراقبة الله سبحانه وتعالى والقيام بحقوقه، والابتعاد عن حرماته.
وموضوع الانحراف العاطفي وخيانة حق الزوج بالتواصل مع من لا يحل التواصل معه، والخوض في أمور لا يجوز فعلها إلا مع الزوج - أمرٌ بالغ الخطورة.
ويعظُم الأمر لو كان هناك هتكٌ للشرف وممارسة للزنا - والعياذ بالله - ولا يخفى عليكم كيفية إثبات حد الزنا بشهود أربعة، وبشروط محددة، باستثناء حالة واحدة فقط، وهي إذا ما كان المدعي هو الزوج، فإنه يُطلَب منه الملاعنة؛ وهي: شهادات مؤكَّدة بالأيمان، مقرونة باللعن من جهة الزوج، والغضب من جهة الزوجة، وذلك حين يتهم الزوج زوجته بالزنا، وتنفي عن نفسها ذلك، فيقومان بالملاعنة أمام القاضي، ويفرق بينهما.
فالكلام في الشرف ليس بالأمر الهيِّن، وكيف إذا كان هذا الشخص هو شريكَ الحياة، وكذلك إذا كان الأمر يتعلق بفضحه أمام الأهل، فلا أنصح أبدًا بإخبارهم؛ ذلك أن حميَّتَهم لابنتهم سوف تثور، ودفاعهم عن شرفهم سوف يدفعهم إلى قول - وربما فعل - ما لا يرضيك، وسوف تكون النتيجة عكس الذي ترغب من استصلاح حال الزوجة.
فأوصيك - أخي الكريم - بسؤال الله أن يصلح حالها، وأن يصلح ما بينكما؛ يقول الله تعالى في كتابه الكريم في سياق وصف عباده الصالحين: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].
وأود أن تنظر بعناية إلى مسألة الجفاء التي ذكرت أنك تعيشها مع زوجتك، من قبل اكتشاف هذا الانحراف، فربما كان الجفاء من أسباب الانحراف العاطفي، وإن كان لا يُبرِّر لها التواصل المحرَّم، لكنه مما يعين الشيطان على الإنسان في الاستجابة إلى وسوسته، والانسياق خلف الشهوات المحرمة.
وإني أنصحك - ما دام الأمر قد انتهى، ورأيت أن الخطأ لم يتعدَّ إلى اللقاء وفعل الفاحشة، وأنك أحكمت السيطرة في قطع هذا التواصل - أن تعالج هذا الخلل العاطفي، وتسعى لإزالة الجفاء بينكما، وأن تساهم في إشباع رغباتكما العاطفية، واحتواء زوجتك، والسماع لشكواها ومداراة خاطرها؛ فمن مسؤوليتك حماية عِرْضِك، ومن أهم وسائل حماية شريك الحياة من الانحراف العاطفي الحرص على تقوية الإيمان بالله سبحانه، وحسن الصلة به تبارك وتعالى، ثم إشباع عاطفته، وتلبية نداء الغريزة بالشكل المطلوب.
وابتعد - أخي الكريم - عن الفضيحة كلَّ البعد وأنت تقوم باستصلاحها؛ فإن الفضيحة سوف تفاقم المشكلة، وتقلل من فرص التوافق بينكما، وكذلك هناك أمر بالغ الأهمية يتعلق بالفضيحة؛ ألَا وهو ملاحقة هذا العار وتأثيره على سمعة الأبناء في المستقبل.
أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.