بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 26/02/2023 - 23:46
شركة كارغيل في مونريال - كندا. 2010/05/10 - حقوق النشر أ ب
حققت الشركات الأربع الكبرى التي تهيمن على التجارة العالمية للحبوب، أرباحا استثنائية منذ العام 2021 بفضل فورة الأسعار وهي متهمة بالافتقار إلى الشفافية في ظل الأزمة الغذائية.
بلغت أسعار القمح والذرة والزيوت النباتية مستويات قياسية في أيار/مايو 2022 في أسواق عمتها البلبلة نتيجة تفشي وباء كوفيد ثم الحرب في أوكرانيا. وإن تدنت منذ ذلك الحين، إلا أنها تبقى مرتفعة بمستويات تاريخية.
ولفتت جينيفر كلاب الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في الأمن الغذائي في جامعة واترلو في كندا، متحدثة لوكالة فرانس برس إلى أن شركات آرتشر دانيالز ميدلاند (إيه دي إم)، وبانج، وكارغيل، ولويس دريفوس المعروفة بالأحرف الأولى من أسمائها "إيه بي سي دي"، تسيطر على "70 إلى 90% من تجارة الحبوب في العالم".
وتوضح الأرقام أن الشركة الأميركية العملاقة كارغيل، كبرى شركات التجارة بالمواد الغذائية في العالم، حققت أفضل نتائجها منذ 157 عاما بحسب وكالة بلومبرغ، فجنت 6,68 مليار دولار من الأرباح الصافية بزيادة 35% في ختام سنتها المالية 2021/2022 التي انتهت في 31 أيار/مايو. كذلك كان العام 2022 استثنائيا لشركة "إيه دي إم" الأميركية التي حققت أرباحا صافية قياسية وصلت إلى 4,34 مليار دولار بزيادة 60%.
أعلنت المنظمة غير الحكومية السويسرية "بابليك آي" Public Eye في منتصف كانون الثاني/يناير أن "في وقت يواجه الأمن الغذائي وأمن الطاقة لملايين الأشخاص تهديدا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية، يحقق التجار أرباحا قياسية".
من "دالاس إلى دلهي"
وقالت جينيفر كلاب "إن كانت (الشركات) اشترت كميات من القمح في كانون الثاني/يناير 2022 تسليم بعد ثلاثة أشهر، قبل أن ترتفع الأسعار بسبب الحرب، فهي تمكنت من بيعها لاحقا بسعر أعلى بكثير".
ولم يتراجع الطلب على الحبوب منذ ذلك الحين وقال غريغ هيكمان رئيس مجلس إدارة شركة "بانج" في شباط/فبراير "نبقى في موقع جيد للاستفادة من فرص الارتفاع التي تنتظرنا".
وأشارت كارغيل إلى أن الشركة ليست من "يحدد أسعار المواد الغذائية"، نافية في تصريح لوكالة فرانس برس أن تكون "استفادت من الأزمة"، بل أكدت أنها ساهمت في استقرار النظام الغذائي العالمي بدفع مساعدات بقيمة تقارب 162 مليون دولار لمنظمات إنسانية. وتشير الشركات الأربع كذلك إلى الارتفاع الكبير في تكاليفها، من أسعار الأسمدة الأزوتية إلى النقل البحري مرورا بالمحروقات.
فهذه الشركات الأربع غير المعروفة كثيرا من الجمهور العريض لا تكتفي بلعب دور الوسيط، بل أوضحت إيه دي إم أن أنشطتها تمتد من "دالاس إلى دلهي" إذ تملك أراضي وتؤمن بذورا وأسمدة للمزارعين وتشتري محاصيلهم من الحبوب ثم تنقلها في سفن وتخزنها وتعيد بيعها.
ولفتت جينيفر كلاب إلى أنها تملك بالتالي "امتيازا في الوصول إلى المعلومات" حول المحاصيل وحاجات العالم إلى الحبوب، ما يمنحها موقعا مهيمنا. وقال بات موني مؤسس منظمة "إي تي سي" غير الحكومية الكندية وخبير عمليات التركيز في الصناعات الغذائية "من المستحيل القول: لن أتعامل مع كارغيل أو إيه دي إم". ولم تشأ "إيه دي إم" ولويس دريفوس وبانج التعليق ردا على أسئلة فرانس برس.
غموض ومضاربة
ورأى بات موني أن "شركات إيه بي سي دي لم تقم بمهمتها الأساسية، وهي ضمان وصول الطعام إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه بسعر مستقر". غير أن أرباحها الطائلة لم تواجه التنديد ذاته الذي واجهته الشركات النفطية الكبرى بسبب أرباحها الطائلة.
ونبهت مجموعة الخبراء الدولية حول الأنظمة الغذائية المستدامة (IPES-Food) وبين أعضائها جينيفر كلاب وبات موني، من أن فرض ضريبة خاصة تؤيدها منظمة أوكسفام الخيرية يمكن أن تصحح بعض الثغرات لكن مفعولها سيكون موقتا.
وقال الخبراء في تقرير إن الشركات الأربع الكبرى "غير ملزمة بكشف ما تعرفه عن الأسواق العالمية بما في ذلك مخزونها هي نفسها من الحبوب". وهذا الغموض يشجع برأيهم المضاربة وقد يشجع الشركات على "تأخير عملياتها طالما لا يبدو أن الأسعار بلغت مستوى الذروة".
وأكد بات موني "حان الوقت للمطالبة بتحليل دقيق للسلسلة الغذائية. كيف يمكن تحسين نظام لا يعمل لصالح الذين يزرعون ولا الذين هم بحاجة إلى الغذاء؟ هذه ثالث أزمة غذائية في القرن (بعد 2008 و2011) والمشكلة سوف تطرح مجددا".