استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 19/2/2024 ميلادي - 9/8/1445 هجري
الزيارات: 24
♦ الملخص:
امرأة مطلقة أحبَّت شابًّا، ويقف أهله عقبة في طريق زواجهما؛ إذ يرفضون أن يتزوج من مطلقة، وكلما تقدَّم إليها خاطب جديد ترفض؛ لأن تحب هذا الشاب، وتسأل: ما الحل؟
♦ التفاصيل:
أنا على علاقة بشابٍّ مند ثلاث سنوات، طلب مني الزواج بعد تعارُفنا بثلاثة أشهر، لكن أهله رفضوني لأني مُطلَّقة، ولأن لديَّ ابنًا في حضانة أبيه، وكلما تقدَّم إليَّ شخص أرفضه؛ لأني أحب هذا الشخص؛ إذ وقف إلى جانبي في أوقاتي الصعبة، وأرشدني إلى الطريق المستقيم، وبفضل الله وفضله تغيَّرت حياتي، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد، صلى الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ أما بعد:
فقد قرأت استشارتكِ التي تقدمتِ بها، وتحدثتِ فيها عن حالتكِ الاجتماعية حيث إنكِ مطلقة، ولكن لم تذكري أين تقيمين، هل تقطنين مع أسرتكِ أم بمفردكِ؟ كيف تعيشين؟ من يتكفل برعايتكِ مع تلبية أقل متطلبات المعيشة؟ لم تذكري إلا قصتكِ مع الشاب الذي يساعدكِ لمدة ثلاث سنوات.
على العموم سؤالكِ كان على الشكل الآتي: تقدم لخطبتي شاب، ولكن أهله رفضوني؛ لأنني مطلقة، فماذا أفعل؟
الآن سؤالي لكِ: هل ولي أمركِ موجود؟ هل عائلتكِ موجودة؟ هل عندكِ أرحام (عم، خال، عمة، خالة)؟
هل أسرتكِ تعلم بوجود هذا الشاب في حياتكِ لثلاث سنوات؟ هل حاسبوكِ لذلك؟ هل قدموا لكِ النصح؟ هل ردعوكِ عن القيام بهذا الأمر؟
أخيتي: لا وجود في الإسلام ما يسمى علاقة بين الرجل والمرأة كما ذكرتِ في رسالتكِ.
فعلاقة الرجل بالمرأة لا تكون أبدًا إلا بحدود ما أحلَّه الله، حتى وإن كنتِ مطلقة، فالمرأة العفيفة الشريفة تحافظ على ما شرعه الله لها؛ مُتَّبعةً قول الله تعالى: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]، وللعلم الأخدان: هم الأصدقاء.
فسورة النساء حددت حدود العلاقة بين الرجل والمرأة، وحددت كيفية النكاح: ﴿ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ﴾ [النساء: 25]، فالنكاح أيضًا لا بد فيه من وجود وليِّ أمرٍ؛ لقبول هذا الزواج أولًا، علمًا أنكِ لم تذكري هذا في استشارتكِ.
وبناءً على التفاصيل التي ذكرتها لا بد لكِ من قطع هذه العلاقة فورًا، واتقي الله عز وجل، ولا تتمادَي أكثر فيها، خارج شرع الله وما أمر الله به.
فسورة الطلاق توضح عدة الطلاق، وكل ما يتعلق بعودتها لزوجها؛ كما خُتِمت الآية بقول الله عز وجل: ﴿ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].
ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًا، فما عليكِ إلا تقوى الله، والإكثار من الاستغفار؛ ليفرِّج الله عنكِ هذا الهم، ويجعل لكِ من هذا الضيق مخرجًا، ويرزقكِ من حيث لا تحتسبين.
أخيتي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد لَيُحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر))؛ [رواه النسائي، وابن ماجه من حديث سفيان وهو الثوري].
فنصيحتي لكِ ليس الحب قبل الزواج إلا من مكائد الشيطان فهو محرَّم، وهي علاقة محرَّمة، وقد يصور لكِ الشيطان أنكِ لا تستطيعين العيش بدونه، ويزين لكِ التواصل على أساس غير شرعي وحرام، وهو بلاء.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل، وذات علم فيرغب أن يتزوجها، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل، وعلم ودين فترغبه، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء، وهو قطع الأعناق والظهور، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، ويقول إنه يرغب في زواجها، بل ينبغي أن يخبر وليَّها أنه يريد زواجها، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه؛ كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل، فهذا محل فتنة"؛ [انتهى من لقاءات الباب المفتوح 26/ السؤال رقم 13].
في الختام، أنصحكِ بالتخلي والابتعاد عن مثل هذه العلاقة، مع اللجوء إلى الله، والدعاء المستمر وبيقين بالإجابة، بأن يغفر الله لكِ، ويرزقكِ بالزوج الصالح.
أسأل الله عز وجل أن يصرف عنكِ هذا البلاء، ويصرف عنكِ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.