أحببت وهما

منذ 9 أشهر 160

أحببت وهما


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/2/2024 ميلادي - 26/7/1445 هجري

الزيارات: 33


السؤال:

الملخص:

فتاة أحبَّت شابًّا في الجامعة، وتزعم أنه كان يحبها، وبعد التخرج أوقفت نفسها عن الخطبة منتظرة قدومه إليها، لكنه لم يأتِ، وبسبب ضغط أهلها، وتقدُّم الشبان إليها، وافقت على أحدهم، وتم الانفصال بعد عقد القِران، فصارت مطلَّقة، وعاودها حبُّ الشابِّ القديم، وأصبحت لا تفكر في غيره، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري، ملتزمة والحمد لله، تعلَّقت بشاب زميلي خلال سنوات دراستي في الجامعة، وهو كذلك تعلق بي أشد التعلق، لكن لم يحصل بيننا أي مخالفات شرعية، كان يراقبني من بعيد فحسب، وكنت أشعر بحبه لكنه لم يحاول التقرب مني؛ فقد كَتَمْنَا ذلك الحب إلى أن يأذن الله بالفَرَجِ، تخرَّجنا ونحن على هذه الحال، وبقِيَ في قلبي على أمل أن يتقدم لخِطبتي في الوقت المناسب، على أن يصبح جاهزًا من الناحية المادية على أقل تقدير، بالرغم من أنه لم يَعِدْني بالزواج، ظللتُ سنتين أرفض المتقدمين لخطبتي، ثم فقدت الأمل في مجيئه؛ بسبب ضغط الشُّبَّان المتقدمين، وتساؤلات أهلي حول سبب رفضي، إلى أن قررت إنهاء هذه الحال فوافقت على الرؤية الشرعية لشابٍّ تقدم إليَّ، وقبِلْتُ به بكامل إرادتي بعد الاستخارة والاستشارة، جرت الأمور وعقدنا القِران، استمرت خِطبتي ثلاثة أشهر كانت مليئة بالمشاكل والمشاحنات؛ حيث كان خطيبي السابق يضيِّق عليَّ كثيرًا، ويتذمر ويعترض بسبب وبدون سبب، زيادة على ذلك لم يكن بيننا أي توافق من الناحية الفكرية والعاطفية، شعرت بالظلم واستنزاف المشاعر في علاقتي به، سيما أنه كان يساومنا لفسخ الخطبة من طرفنا؛ حتى لا يتعرض لأي خسائر مادية، قررت بعدها وبالتحاور مع أهلي أن أفسخ الخطبة، أصبحت الآن مُطلَّقة قبل الدخول، وأعاني جدًّا من التعليقات السلبية بسبب ذلك، تدهورت حالتي النفسية كثيرًا، ولا أعلم كيف عُدتُ للتفكير في الشاب الذي تعلقت به أيام الجامعة، وأرفض المتقدمين لخطبتي؛ أملًا في مجيئه مجددًا، اضطررت قبل مدة للموافقة الظاهرية على أحدهم؛ حتى أتخلَّصَ من ضغط الأهل والمجتمع حولي، داعيةً الله أن يتلطف بحالي، لكن الله شاء - وله الحمد - ألَّا يتم الأمر.

والآن أصبح الأمر مختلفًا لأنني مطلقة، وتعلُّقي بزميل الدراسة يزداد ويعذبني، أشعر بالضغط المتزايد عليَّ، ولا أدري ما أفعل ولا أعلم شيئًا عنه، ولا أريد الارتباط بغيره؛ خوفًا من الفشل أو التعرض للكسر مرة أخرى، وقد اضطرني ها الضغط النفسي إلى إخبار أهلي عن هذا الشاب، فما كان منهم إلا أن قالوا: "ماذا تنتظرين؟ هو لم يعدك بشيء".

منذ ثلاث سنوات وأنا على هذه الحال، لا أستطيع أن أفكِّرَ في غيره، مع أنني أدعو الله دائمًا أن يختار لي الأفضل، لكني تائهة، وحالتي النفسية تزداد سوءًا، منتظرةً الفرجَ من عند الله، أرجو منكم مساعدتي، وشكرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد ابنتي المباركة:

فأسأل الله العظيم أن يوفقكِ لكل خير، وأن يفتح على قلبكِ ويساعدكِ ويعينكِ.

أعجبني - يا بُنيَّتي - فيكِ حبكِ للخير، وطاعتكِ لربكِ، والتزامكِ بأمر الله، وخوفكِ منه، والبعد عن المعصية، لكني في هذه السطور أنصحكِ بالآتي:

الحب نعمة من الله على عباده، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش بين الناس وهم كارهوه، فالحب حاجة أساسية عند البشر، لكن الحب بين الطرفين إذا كان على ما يُرضي الله سبحانه، كان طاعة لله يُؤجَر الإنسان عليه؛ كالحب بين الزوجين، وكالحب بين الآباء والأمهات مع أولادهم، وكالحب بين الإخوة والأخوات، وكحبِّ الله سبحانه، وحب الصالحين، وحب الخير للناس والمجتمع.

وأنا أقرأ الاستشارة، أوقفتني هذه العبارة: (تعلَّقت بشاب زميلي خلال سنوات دراستي في الجامعة، وهو كذلك تعلق بي أشد التعلق)، وبدأت أسأل نفسي: ما الدليل على تعلقه بكِ؟ كيف عرفتِ ذلك؟ هل أخبركِ بذلك؟ هل الخدمة أو تبادل النظرات دليل على ذلك؟ إن كان فعلًا يريدكِ على سُنَّة الله، لماذا لم يتقدم إلى خطبتكِ؟ لماذا لم يرسل أخته أو والدته لتخطبكِ أو تخبركِ بذلك؟ إن الحب أو التعلق من طرف واحد مشكلة كبيرة يقع فيها الشخص؛ لأنه بذلك يعيش في الأوهام والأحلام.

اسألي نفسكِ: إلى متى وأنا أنتظره؟ إلى متى وأنا متعلقة به؟ كم من الأوقات ذهبت وأنا أفكر فيه؟ ماذا استفدتُ؟ هل تحقق حُلُمي؟ يا بنتي إن العمر يمضي، وأنت كَفَتَاةٍ تتمنين الاستقرار والزوج الصالح، وبناء البيت، وإنجاب الأطفال، ثم تربيتهم على سنة الله ورسوله.

يا بنتي، إن العاقل إذا لم يستطع تحقيق هدفه الرئيس، غيَّر أهدافه إلى أهداف يمكن تحقيقها، تتناسب مع حاله ومجتمعه وطبيعته؛ مثل: هدف الوصول إلى زوج صالح، يجلب لها الاستقرار، وإنجاب الأطفال، أو وظيفة أو عمل تطوعي أو الدعوة إلى الله... وغيرها من الأهداف، ثم اسعَي إلى تحقيقها كلها أو أغلبها؛ تذكَّري: ((إذا جاءكم مَن ترضَون دينه وخُلقَه، فزوِّجوه)).

إن الحياة الزوجية – يا بنيتي - لا تقوم على الحب فقط، بل إن الحب يأتي لاحقًا بسبب العلاقة والاحترام والاستقرار وإنجاب الأطفال، وأنتِ سمعتِ وقرأتِ كثيرًا من القصص كانت بدايتها قبل الزواج الحبَّ، ثم انتهت بالانفصال والتشتُّت.

تعلمنا - يا بنيتي - أن ندعو الله دائمًا بالتوفيق والبركة، وتذكَّري دومًا: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]، نحن بشر لا ندري أين الخير، فلعل الله صرفكِ عنه لحكمة لا يعلمها إلا هو، وإن من أركان الإيمانِ الإيمانَ بالقضاء والقدر.

يا بنتي، ابدئي صفحة جديدة، ولا تضيِّعي عمركِ في الأوهام والأحلام، ولا تحرقي زهرة شبابكِ بالانتظار أو بالتجارب، وإنما توكلي على الله، واستمتعي بحياتك، واشغلي نفسكِ ببعض البرامج والأنشطة، وانسَي الماضي.

أسأل الله العظيم أن يوفقكِ لكل خير، ويفتح على قلبكِ، ويهديكِ الطريق المستقيم، وصلى الله على سيدنا محمد.