♦ الملخص:
فتاة أبواها منفصلان، أحبت شابًّا رفضه أهلها، ويفرضون عليها شابًّا آخر تأباه، وترى أن حياتها ستكون أفضل مع الآخر، وتخشى من رد فعل أهلها، إن هي رفضت، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا في منتصف العشرينيات، طالبة في كلية الحقوق، وهذه السنة هي الأخيرة، أبواي منفصلان، وأنا أعيش مع أمي، والحمد لله أنا ملتزمة ومهذبة، وأخاف من أي ذنبٍ أقترفه عمدًا كان أم سهوًا، كنت قد تعرفتُ على شاب على الإنترنت، ولكنه في بلد آخر، هو في نفس عمري، ومهذَّب ومحترم، لَما يُكمل دراسته بعد الثانوية العامة، أحسستُ ناحيته بالارتياح والأمان اللذين لم أشعُر بهما قط بسبب العنف الأسري، وكنت قبلًا رافضة الزواج بسبب كرهي للرجال، لما كان من إخوتي وأبي، لكني شعرت أن هذا الشخص أتى الله به إليَّ رزقًا، وقد طلب أن يتقدم لخطبتي، لكن أهلي رفضوا بسبب أوضاعه المادية، اتَّفقنا على أنه سيؤسس نفسه ويعود؛ كي يتقدم مرة أخرى، وأمه كانت على تواصُل دائم معي مدةَ عامٍ كامل، وتطمئنني أن أحواله المادية تطورت وتحسَّنت، وأنه منتظر تخرُّجي، منذ مدة قررتُ أن أفتح قلبي لأمي كي أضعها في الصورة، ولكي تكون لي صديقة ومرشدة، فكان الرد منها قاسيًا جدًّا، حاولت إقناعها بشتى الطرق، لكن لا فائدة، وقالت: إنها ليست مرتاحة لأسباب؛ منها: أنه وحيد أهله، وذلك سيجعلني خادمة لأهله، ولأنني أحببتُه وأحبني، فذلك عارٌ بالنسبة إليها، ولا يجوز أن أحبه قبل الزواج، ولأنه غير جامعي وأقل من مستوى تعليمي، وسنه صغيرة، ثم قالت: أريد أن تتزوجي من شخص غني، وعنده سيارة، ومنزل كبير؛ كي تنعمي بالحياة؛ لأن الحب ليس ضروريًّا، والفتاة تتعلق بجميع الأشخاص، فليس من الضروري أن يكون هذا نصيبها، مع العلم أنه تقدم لخطبتي أشخاص كثيرون، ولم أكن مرتاحة، ومن ثَمَّ أتى أبي بشخص، وقال: إنه إنسان متدين، وأثنى عليه كثيرًا، وبعد صلاة الاستخارة، شعرت بالخوف وانقباض القلب، ولم أشعر بالراحة قط، وعندما علم أخي به رفَض، وقال: إنه ليس مناسبًا لأنه يعرفه، ولكن أمي موافقة وعليَّ أن أوافق؛ لأن الكلمة الأولى والأخيرة لها، وهدَّدتني أنها ستحكي لأبي وإخوتي وتفضح الموضوع، وذلك الشخص قلبي معلق به، وهو أول شخص يدخل هذا القلب، وأشعر أنني لن أجد السعادة مع غيره، أنا خائفة من مستقبلي مع شخص آخر، وإذا كنت سأقبل لرضا أمي وأبي، لكن قلبي غير راضٍ، وخائفة من أي رد فعل مني يدمِّر حياتي، بسبب عنف أهلي واضطهادهم، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص رسالتكِ هو:
١- تقدم لكِ عدد من الأشخاص لم ترتاحي لهم.
٢- تعرفتِ على شاب عن طريق الإنترنت، وأعجبكِ وتتمنينه زوجًا لكِ، وتشعرين أنكِ لن تجدي السعادة مع غيره.
٣- وأمكِ ترفض زواجكِ منه بحجج مادية، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: ارتياحكِ لهذا الشاب ليس دلالة قوية على أنه هو الذي سيسعدكِ، وأنكِ لن تجدي السعادة مع غيره أبدًا؛ لأسباب منها:
١- إنكِ تعرفتِ عليه بوسيلة تواصل، وليس عن معرفة حقيقة بدينه وخلقه.
٢- لأن بعض من يخطبون بهذه الوسائل لديهم خفايا ورزايا لا يبدونها أبدًا، بل يظهرون بأجمل صورة نفاقًا، وكم ممن تزوجن بهذه الطريقة وندمن أشد الندم؛ حيث بانت الحقائق المؤلمة جدًّا، وأصبحن يندبن حظهن التعيس، وقد وصلتني بعض هذه المشاكل!
ثانيًا: متى ما تأكدتِ من صلاحيته دينًا وخلقًا، فالجئي له سبحانه بالدعاء؛ فهو وحده الرزاق القادر الذي قال: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
ومع الدعاء أكثري من سببين عظيمين لتيسير الأمور؛ وهما:
الاستغفار.
والاسترجاع.
ثالثًا: اطمئني وتأكدي أن الزوج المكتوب لن يمنَعَه أحدٌ مهما كان؛ لقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
رابعًا: تذكري أن منعكِ منه قد يكون هو الخير العظيم لكِ، وأنت لا تدرين؛ لقوله سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
خامسًا: اعلمي أن المستخير بأحد النتائج الآتية:
١- إما أن يستخير ويرتاح ويقدم، وهذا في الغالب خير له.
٢- وإما أن يستخير ويرتاح، ولكن يُمنع بمانع آخر، فيكون ارتياحه امتحانًا، وعدم تيسر المطلوب هو الخير له.
٣- وإما أن يستخير ولا يرتاح.
سادسًا: إذا علمتِ بما سبق، فلا تقلقي نفسكِ ولا أهلكِ بالمجادلات العقيمة، واسترجعي واصبري، وستعوضين إن شاء الله بخير منه.
حفِظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقرُّ به عينكِ.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.