أتجسس على زوجي

منذ 8 أشهر 129

أتجسس على زوجي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2024 ميلادي - 3/9/1445 هجري

الزيارات: 36


السؤال:

الملخص:

امرأة تجسست على زوجها فاكتشفت أنه يكلِّم فتاة، ولما واجهته وصل بهما إلى الأمر إلى حدِّ الانفصال؛ لأنه يرى أنها تتجسس عليه، ثم كان الصلح بينهما، لكنها تشكو كآبةَ الحياة معه، وقلة الكلام، وكثرة المشاكل، وهي تفكر في الطلاق، لكن تخشى على أطفالها، وتسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

مللتُ حياتي الزوجية، بدايةً وقع خلاف بيني وبين زوجي تَرَكَ على إثره البيت أسبوعًا، ولما عاد صدَّ عني، ونام في غرفة أخرى، فوسوس إليَّ الشيطان فبحثت وراءه، فاكتشفت أنه يتحدث مع فتاة منذ غاب عني، فواجهته، واعتذَر، وبعد شهر وسوس إليَّ الشيطان وفتَّشت في جوَّاله فوجدت اتصالًا منه لها، لكنها لم تردَّ عليه، فجادلته ووصل بنا الأمر إلى الانفصال؛ لأنني – كما يزعم – أتجسَّس عليه وأتدخل في خصوصياته، وبعد مدة تصالحنا، لكن الحياة صارت كئيبة، وكثُرت مشاكلنا لأتفه الأسباب، وفي كل مرة يهدِّدني بأن يتزوج امرأة أخرى، وقل الكلام بيننا، وزاد الجفاء، فهو يعاقبني بالهِجران والصمت، أفكِّر كثيرًا في الانفصال لأرتاح، لكن عندي منه أطفال، وهو يوفر لنا أسباب المعيشة، وكريم مع أطفاله، فماذا أفعل؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكِ الله يا أختي، وأسأل الله العظيم أن يسخر لكِ زوجكِ، وأن يسخركِ له، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يصلح قلوبكما وذرياتكما.

بداية، أعجبني في رسالتكِ صدقكِ مع نفسكِ عندما ذكرتِ: (فوسوس إليَّ الشيطان)، إلا أنكِ نسيت أن وسوسة الشيطان لا تأتي بخير، وأعجبني كذلك إنصافكِ لزوجكِ عنما ذكرتِ: (يوفر لي المعيشة، وكريم مع أطفاله)، وهنا أنصحكِ يا أختي بالآتي:

اختلاف الرأي والوقوع في المشاكل خاصة بين الزوجين أمر طبيعي، وسبب ذلك أن كليكما تربَّيتُما في بيئة مختلفة، وكذا اختلافكما في الشخصية والتدين والأخلاق؛ لذا علينا في البداية التعرف على الشريكِ الآخر، ثم التوافق بما نستطيع، دون التنازل عن الدين أو الأخلاق.

يقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ [الحجرات: 12]، من أكبر الأخطاء بين الزوجين التجسس على الآخر، ومحاولة تصيُّد الأخطاء، فالقلب هنا يكون مشغولًا في جَمْعِ الأخطاء ثم كيف مواجهتها، مما يترتب على الشخص النفور من صاحبه والبعد عنه.

الرجوع عن الخطأ خُلُقٌ كريم، نحتاج إليه جميعًا، خاصة مع وضوح الخطأ، فلماذا تكرار الخطأ وتكرار الأفعال التي تزيد من النفور بين الزوجين، وتزيد من القلق والتوتر؟

الجدال بين الزوجين لا يأتي بخير، فقد ذمَّه الشرع والعقل وتجارِب الناس، كم من حوادث الطلاق والضرب والقتل وقعت بعد الجدال، خاصة عندما يكون فيه اتهام ورفع للأصوات، والسب واللعن، وغيرها من وساوس الشيطان!

يا أختي، كل إنسان له خصوصيته، وهو يحتاج إلى الانفراد والجلوس مع نفسه، حتى يستطيع مراجعة أفعاله ومشاكله؛ لذا فمن الخطأ كسر هذه الخصوصية، ومحاولة معرفة كل صغيرة وكبيرة في حياة الشريكِ الآخر، أما إذا كان هناك دليل واضح على وقوع خطأ منكر، لم تسعي للكشف عنه وإنما كان واضحًا عليه، هنا علينا التفكير قبل المواجهة واختيار الحوار المناسب؛ لأن الهدف هو العلاج، وليس المواجهة من أجل إثبات الخطأ على الشريك الآخر.

أختي الكريمة، لا تخسري زوجكِ، وتذكَّري أن الْمَلَلَ في الحياة الزوجية له أسباب كثيرة؛ ومنها: معصية الله والوقوع في الذنوب، فالله سبحانه قد يعاقب العبد بكثرة المشاكل بسببها، ومن الأسباب استخدام الألفاظ النابية بين الزوجين مما يجبر الطرف الآخر على الابتعاد، ومنها إهمال الحاجات النفسية والجنسية بين الزوجين.

علينا أن نفتح صفحة جديدة مع الشريكِ الآخر، وزيادة العاطفة بينكما، وترك التجسس وسوء الظن، جربي أن تبدئي يومكِ بقُبلة وضمة حانية، وبعدها تجهيز إفطاره، ومع توديعه بابتسامة ودعاء له بالتوفيق، وكذا استقباله بمثل ذلك.

جربي ألَّا تناقشيه مدة أسبوعين عن أي موضوع يسبِّب لكما قلقًا أو توترًا، حتى وإن فتح موضوعًا لا تقبلينه، أو رفض طلبًا لكِ بالذهاب لمكان معين أو شراء حاجة، لا تهاجميه ولا تتوتري، حاولي الابتعاد عنه قليلًا، ثم ذكِّريه بعد ساعات عن حاجاتكِ، وبإذن الله سترين الفرق.

أنا لا أقول: إن الزوج سيتغير سريعًا، ولا أدَّعي أن حاله سيصلح، لكننا مطالبون أن نغيِّرَ من أنفسنا أولًا حتى يبارك لنا ربنا؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وحتى إن لم يتغير الزوج، لكن تذكَّري أن الحرب الدائرة بينكما والجدال المتكرر لا يسبب إلا ألمًا وشرخًا في القلوب قبل العلاقة الزوجية، عدا ما يُسبِّبه من ألمٍ وقَهْرٍ في قلوب الأطفال.

تذكري أن السعادة لا تأتي، وإنما نحن من يصنعها، الكلمة الطيبة والابتسامة، والحوار الهادئ، والتغافل، وكريم الأخلاق، وإشباع الأجساد بالحبِّ والجنس، والسؤال عن الآخر، والخوف من الله وترك المعاصي؛ كلها أدوات تؤدي بإذن الله إلى السعادة وتقليل المشاكل.

أخيرًا، تذكَّري أن مغيِّرَ الأحوال هو الله سبحانه، وهنا عليكِ كثرة الدعاء مع الصدق مع الله أنكِ تريدين الهداية والصلاح لكما ولذرياتكما، فكم من القصص التي سمعناها وقرأناها كان التغير بسبب دعوة صالحة من قلب صادق!

أسأل العظيم ربَّ العرش الكريم أن يهديَكما، وأن يُصلح بين قلوبكما، وصلى الله على سيدنا محمد.