أبصر النور يوم السابع من أكتوبر.. فكان عامه الأول شاهداً على الدمار والألم

منذ 1 شهر 51

ولد علي الطويل في لحظة عاصفة من تاريخ الإنسانية، إذ تزامنت ولادته مع بداية القصف الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة بعد الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل.

في ظل أجواء من التوتر والدمار، يحتفل هذا الطفل الفلسطيني بعيد ميلاده الأول، بينما لا تزال الحرب بين إسرائيل وحماس مستمرة، مسجلة عاماً من الألم والمعاناة. يعكس احتفال علي بمرور عام على حياته، وسط هذا السياق المأساوي، الأمل والتحديات التي تواجه عائلته والمجتمع الفلسطيني في خضم الأزمات المتلاحقة. بالنسبة لعائلة علي، كان العام الماضي مليئا بالمآسي وعدم اليقين.

تروي أمه، أمل الطويل، كيف كانت قد نسجت أحلاما كبيرة لابنها، قبل أن تتحطم بفعل القصف والدمار المتواصل منذ أن أبصر النور. في حديث لوكالة "أسوشيتيد برس" تعرب والدته عن مشاعرها والغصة تملأ صوتها: "لقد رتبت له حياة أخرى حلوة للغاية، لقد غيرت الحرب كل شيء".

عندما بدأت الحرب في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، نقلت أمل بشكل عاجل إلى مستشفى في وسط غزة، حيث وضعت ابنها علي، الذي كانت قد انتظرته وزوجها مصطفى بفارغ الصبر لثلاث سنوات. بعد أيام قليلة من ولادته، عادت الأسرة إلى منزلها في حي الزهراء، لكن لم تدم فرحتهم طويلا، إذ اضطرت للفرار في 18 تشرين الأول/ أكتوبر، قبل يوم واحد فقط من القصف المدمر الذي استهدف منطقتهم.

ومنذ ذلك الحين، تعيش العائلة في حالة من الترحال، متنقلة من منزل لآخر، حتى استقرت حاليا في منزل والدي أمل بمخيم النصيرات للاجئين، حيث يشاركون المسكن مع 15 قريباً آخر، في محاولة للبحث عن الأمان وسط أجواء من الفوضى والدمار.

تصف أمل، البالغة من العمر 30 عاما، العام الماضي بأنه كان "صعبا للغاية، سيئا بكل المقاييس من الناحية الصحية والنفسية". وتشير إلى أن طفلها قد نشأ في أجواء من القصف المستمر والقتل اليومي، مما ترك أثرا عميقا على حياته وحياة عائلته.

وحتى كتابة هذه الأسطر، أسفرت الحرب الإسرائيلية الدامية التي تخوضها الدولة العبرية منذ حوالي عام وبحسب آخر الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في القطاع عن مقتل 41 ألفا و825 فلسطينيا معظمهم من النساء والأطفال. 

وتظهر الإحصاءات أن أكثر من 80% من سكان غزة، الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة، أجبروا على ترك منازلهم، ليلجأوا إلى مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة. ويواجه ربع سكان القطاع المجاعة في ظل الحصار الإسرائيلي الذي يفرض قيودا صارمة على تسليم المساعدات الإنسانية، وفقا للأمم المتحدة.

تؤكد أمل أن كل مرحلة من مراحل حياة علي خلال عامه الأول كانت مليئة بالتحديات، وعلى الرغم من الفرحة الغامرة التي تشعر بها لكونه طفلها، فإن قلقها المستمر على سلامته يظل يثقل كاهلها. تتذكر بمرارة حادثة تعرضه لجروح طفيفة عندما سقطت قذيفة بالقرب من منزل أختها، مما أدى إلى تحطيم النوافذ، وتضيف: "تلك اللحظة كانت تذكيرا صارخا بأن الأمن ليس مجرد فكرة، بل حلم بعيد المنال".

وتواجه أمل وزوجها، الذي فقد وظيفته كعامل يومي في مطعم، العديد من الصعوبات. وتعبر عن قلقها من أن علي لم يحصل على أي تطعيمات في الأشهر الستة الأولى من حياته، مما يعرضه للإصابة بالأمراض. وتضيف: "في ظل الحصار، أصبح من الصعب الحصول على الحليب الصناعي والحفاضات. إذا وجدناها، فهي باهظة الثمن ولا نستطيع تحمل تكلفتها".

وتستمر القيود الإسرائيلية على تسليم المساعدات في التأثير بشكل سلبي على حياة الفلسطينيين، إذ تشتكي وكالات الأمم المتحدة ومجموعات الإغاثة من نقص الوصول والقدرة على تقديم المساعدات. من جانبها، تقول سندس الأشقر، من مجموعة المساعدة الطبية لفلسطين، إن معاناة الفلسطينيين خلال العام الماضي تفوق بكثير ما عاناه أجدادهم خلال النكبة عام 1948، مشيرة إلى أن "العديد من حالات الموت والحياة التي شهدناها جعلت هذا العام واحدا من أصعب الأعوام التي عشناها".

تختتم أمل حديثها بالتعبير عن مشاعر القلق والألم، قائلة: "لقد كان العام مليئا بالتوتر والخوف والقلق، في بيئة مليئة بالنزوح والقصف والدمار. لم يكن مثل أي طفل آخر ينشأ في بيئة آمنة وسلمية وصحية".