جاء إعلان رابطة مكتبات طريق الحرير الرقمية عن انضمام "مكتبة أبرهوت" الإثيوبية إلى تحالف طريق الحرير الدولي للمكتبات لما قدمته من إنجازات ثقافية وعلمية للجمهور. وقد افتتحت مطلع يناير (كانون الثاني) 2022، وتعد المكتبة الثقافية الأولى في إثيوبيا والأكبر في شرق أفريقيا، إذ شيدت على مساحة 19 ألف متر مربع بتكلفة 1.2 مليار بر (ما يعادل مليوني دولار).
تنوير وتعليم
أشاد تحالف طريق الحرير الدولي للمكتبات بـ"مكتبة أبرهوت"، التي تتوسط العاصمة أديس أبابا كمنارة لنشر العلم والمعرفة، إلى جانب وصفها مركزاً لجمع التراث والتوثيق.
استغرق بناؤها ثلاثة أعوام لتطل متميزة بطراز فريد وتقدم خدماتها العلمية المتعددة. يشار إلى أن اختيارها ضمن مكتبات رابطة طريق الحرير الدولية، جاء بعد التقيد والامتثال بالمعايير الدولية، وتمكنها من تحقيق طفرة معرفية خلال عامين من إنشائها.
الماضي والحاضر
تحالف طريق الحرير الدولي للمكتبات دلالة على الاسم الجامع لخطوط القوافل المنقولة براً وبحراً من الصين وإليها في أقصى الشرق، مروراً بقارتي آسيا وأفريقيا غرباً، وصولاً إلى قلب أوروبا، وما يعنيه ذلك من تداخلات حياتية وثقافية للبشر منذ القدم.
نبعت فكرة التحالف من رغبة مكتبة الإسكندرية المصرية في إرساء حوار الحضارات الإنسانية وتواصل الثقافات ونشر المعارف وتبادل وتأصيل العلوم لفائدة البشرية في تعاقب وتجدد الأجيال.
تحالف "طريق الحرير الدولي للمكتبات" يسعى إلى الإسهام في إعادة اكتشاف شعوب طريق الحرير ووصل الماضي بالحاضر من خلال حث البشر على استكشاف جهود الأجداد، والخلفية الحقيقية في بناء الإنسان والحضارة التي تحيطه.
طريق الحرير
يقول سفير السودان السابق بواشنطن خضر هارون في حديثه عن الأبعاد الحضارية لاسم طريق الحرير وخلفياته، طريق الحرير عبارة عن شبكة طرق تجارية طولها 6400 كيلومتر تربط بين آسيا وأوروبا، أسسته الصين في القرن الثاني قبل الميلاد وظل يعمل حتى القرن الخامس عشر الميلادي، وسمي بطريق الحرير لأن الحرير الطبيعي كان مصدره الصين وكان يعد أنفس السلع في ذلك الزمان وكان يمر بأواسط آسيا حتى أنطاكية في تركيا ثم إلى أوروبا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يوضح أما طريق الحرير الجديد والمتعلق بنواحي التجارة والتبادل المادي، فيعرف بطريق الحزام، افتتحه الرئيس الصيني عام 2013 ليمر بـ155 دولة في العالم لتوصيل المنتجات الصينية، حيث أحيت بكين هذا الطريق الجديد كخط تجاري استراتيجي يمر بسواحل فيتنام فسريلانكا، ثم الهند فسواحل أفريقيا الشرقية ثم عبر البحر الأحمر فمصر، فاليونان فإيطاليا. وهو طريق تعول عليه الصين كثيراً كشريان تجاري مهم بالنسبة لها، بينما تنظر إليه الدول الغربية بعين الريبة كسلم لصعود الصين عالمياً.
يشير إلى أن كل هذه الحقائق وما جمعته من إشارات تاريخية وحضارية تعطي أبعاداً ودلالات طريق الحرير اسماً ومعنى.
رمزية "أبرهوت"
من جانبه، يقول الباحث عباس محمد كوركي عن معنى "أبرهوت" في اللغة الحبشية، إن الاسم يعني الإضاءة أو التنوير، ويشير إلى أن"معاني التنوير مطروقة بشدة في الثقافة الإثيوبية وتجد المعاني بتعبيرات متعددة ولكنها في الأساس تعني النور والمعرفة.
يوضح، أن للديانة المسيحية أثرها الواضح إلى جانب الإسلام الذي بدد بنوره ظلمات الجهل والانحراف. ومعاني الضياء تجدها في الأدب الشعبي وكذلك في الكثير من الأغاني والتراثي الإثيوبي.
وفيما تمثله "أبرهوت" من رمزية، وبعد ثقافي للعاصمة أديس أبابا المعروفة بوصفها السياسي. يقول عباس "عرفت العاصمة الإثيوبية كونها عاصمة سياسية لأفريقيا بتشرفها باستضافة الاتحاد الأفريقي وما يرمز إليه من زخم سياسي ارتبط بماضي وحاضر ومستقبل أفريقيا دولاً وشعوباً. إلى جانب العديد من المنظمات الدولية والإقليمية.
يضيف، من المؤكد أنه في وجود أبرهوت وانضمامها لرابطة مكتبات طريق الحرير يضاف للوظيفة السياسية جانب حضاري آخر ممثلاً في ثقافة ووعي الإنسان بما يحيطه من تجارب وثقافات أخرى، وهذا ما تحمله وتعبر عنه مكتبة أبرهوت كإضافة جديدة للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
في السياق، يقول رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية يس أحمد، إثيوبيا منذ القدم تميزت بثقافات متعددة بدءاً مما تركته الأديان السماوية الثلاثة من آثار ثقافية ومادية لا تزال قائمة، وبالطبع فأثر الأديان في الثقافة الإثيوبية متمثلة في الطقوس والممارسات، والعادات ويتجسد بصورة مطلقة في التكوين الشعبي بالبلاد.
يضيف، هناك ثقافات متنوعة ومميزة ترجع إلى عهود غائرة في التاريخ. وتجسد اللغة الأمهرية أثراً لذلك، إضافة إلى ما يصاحبها من لغات أخرى كالتغرنجة والأرومية التي تعتز بها القوميات الثلاثة الكبرى، وقد صاحب هذه اللغات ثقافات متنوعة هي التي تشكل الآن في تمازجها ثقافة وتفرد إثيوبيا في القارة الأفريقية.
وفي ما يتعلق بالتحدي الذي يمثله انضمام مكتبة أبرهوت إلى طريق الحرير يوضح أحمد، لعل أبرزها المحافظة على الأداء الخدمي في المكتبة، وزيادة وتحديث محتوياتها من مراجع علمية وتراثية، كما ينتظر كأمر مهم أن يغطي عطاء أبرهوت كافة الثقافات وبخاصة العربية التي ينبغي أن تخصص قسم يحتوي التراث العربي، إلى جانب الكتابات الحديثة للمفكرين والعلماء العرب في المجالات كافة".