بعد مقتل قائد حماس الأول يحيى سنوار، تسعى إسرائيل لتثبيت مكاسبها الاستراتيجية في المنطقة من خلال تكثيف حربها على غزة ولبنان. ويأتي ذلك وسط سباق مع الزمن لتحقيق تغييرات جيوسياسية قبل الانتخابات الأمريكية المرتقبة، حيث تأمل تل أبيب في خلق واقع جديد ودائم.
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تقوم إسرائيل بتكثيف حربها على غزة ولبنان، حيث تسعى إسرائيل إلى فرض واقع جديد على الأرض قبل أن يتولى الرئيس الأمريكي القادم مهامه في يناير المقبل. وتأتي هذه التحركات ضمن خطط أوسع لتأمين مناطق عازلة على الحدود الشمالية مع لبنان والجنوبية مع غزة، وفقًا لمصادر قريبة من الموقف.
ترسيخ المكاسب العسكرية والسياسية
تركز إسرائيل على تثبيت مكاسبها العسكرية ضد حماس وحزب الله، من خلال إقامة مناطق عازلة بحكم الأمر الواقع على حدودها الشمالية مع لبنان، والجنوبية مع قطاع غزة. الهدف هو منع أعدائها كما تسميهم خاصة إيران وحلفاءها، من إعادة بناء قدراتهم العسكرية التي قد تشكل تهديدًا مستقبليًا على أمن إسرائيل، بحسب ما أفاد به دبلوماسيون غربيون ومسؤولون لبنانيون وإسرائيليون. تأتي هذه التحركات بعد هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته حماس، والذي أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وأسر نحو 250 شخصا قبل عام ونيف.
مواقف متباينة حول الهدنة
في ظل استمرار الضغوط الأمريكية والدولية على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة بعد مقتل السنوار، تشير مصادر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يفضل التريث حتى انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، إذ يعتقد أن التعامل مع الإدارة المقبلة قد يكون أكثر توافقًا مع مصالح إسرائيل. وتؤكد تقارير أن إسرائيل لن تدخل في أي مفاوضات لوقف إطلاق النار قبل تحقيق أهدافها الاستراتيجية كاملة، ومنها تطهير حدودها من أي تهديدات.
تكثيف العمليات ضد حزب الله وحماس
تواصل إسرائيل تعزيز عملياتها العسكرية ضد حزب الله في لبنان، في محاولة لدفع قواته إلى ما وراء نهر الليطاني، وذلك في إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701. كما تستهدف العمليات العسكرية المكثفة في غزة تفكيك شبكات الأنفاق والمواقع العسكرية لحماس التي تعتبرها تهديدًا لأمنها القومي. وتثير هذه العمليات مخاوف من احتمالية عزل شمال غزة عن باقي القطاع، وهو ما يقلق منظمات الأمم المتحدة الإنسانية.
الرد المتوقع على الهجوم الصاروخي الإيراني
الهجوم الصاروخي الذي شنته إيران في أوائل أكتوبر كان بمثابة تذكير لإسرائيل بخطورة التهديدات الإقليمية المتزايدة. تستعد إسرائيل للرد على هذا الهجوم بطريقة "قاتلة ودقيقة وغير متوقعة"، بحسب ما صرح به مسؤولون إسرائيليون. على الرغم من الضغوط الدولية للتهدئة، تشير المصادر إلى أن إسرائيل تسعى لاستغلال هذه اللحظة لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة الأمد، بما في ذلك تحييد أي تهديدات إيرانية مستقبلة.
الرؤية الإسرائيلية للمشهد الإقليمي الجديد
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن إسرائيل مصممة على استغلال الوضع الراهن لإعادة رسم خريطة المنطقة لصالحها، عبر فرض واقع جديد على الأرض. تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى ضمان أن يكون أعداؤها، سواء كانوا من حماس أو حزب الله أو حتى إيران، بعيدين عن حدودها بشكل دائم، وذلك عبر إنشاء مناطق عازلة تُحقق الأمن والاستقرار على المدى الطويل. المحللون يرون أن هذه التحركات تعكس رغبة إسرائيل في تأكيد نفوذها الإقليمي وإحداث تغييرات جذرية في الخريطة السياسية للمنطقة.