840 ألفًا سيموتون قبل أوانهم جرّاء مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية.. ما السبب؟

منذ 1 سنة 172

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة آخذة بالازدياد في جميع أنحاء العالم، وقد يكون سبب ذلك مفاجئًا: تلوّث الهواء.

فقد توصل العلماء في دراسة نُشرت في مجلة "Lancet Planetary Health" الإثنين، إلى وجود صلة بين هاتين الظاهرتين رُغم اختلافهما الظّاهري.

وابتكر الباحثون نموذجًا للنظر في مستويات تلوّث الهواء المعروفة بـ"PM2.5" التي يطلق عليها أحيانًا مصطلح "التلوّث بالجسيمات"، ومستويات مقاومة المضادات الحيوية في 166 دولة.

وكشف البحث عن وجود علاقة بين المستويات العالية لتلوّث الهواء من نوع "PM2.5"، والمستويات العالية من مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة التي أصبحت أقوى بمرور الوقت.

ومع ارتفاع مستويات التلوّث بالجسيمات، ارتفعت أيضًا مستويات مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة.

والتلوّث بالجسيمات عبارة عن مزيج من القطرات الصلبة والسائلة التي تطفو في الهواء، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأمريكية.

ويمكنه أن يكون على شكل تراب، أو غبار، أو سخام، أو دخان.

ويأتي التلوّث الجسيمي من المصانع التي تعمل بالفحم، والغاز الطبيعي، كما قد ينجم عن السيارات، والزراعة، والطرق غير المعبّدة، ومواقع البناء، وحرائق الغابات أيضًا.

وتحدث مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة، المعروفة أيضًا باسم مقاومة مضادات الميكروبات (AMR)، عندما يطوّر عامل مُمِْرض معيّن، كنوع من البكتيريا، أو الطفيليات، أو الفطريات، تحمّلاً لنوعٍ مُحدّد من الأدوية لدرجة أنّها تفقد قدرتها على محاربة تلك العدوى.

وأصبحت مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة تشكّل مشكلة كبيرة في جميع أنحاء العالم، إذ أنّها تتسارع "بوتيرة مثيرة للقلق"، بحسب تعبير بعض العلماء، وتتسبّب بنحو 700 ألف حالة وفاة إضافيّة كل عام تقريبًا.

وتعتبر الأمم المتحدة أنّ مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة يشكّل "تهديدًا أساسيًا" لصحة الكوكب بأكمله، وسلامته.

وقال العلماء إنّ معظم مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية ناتجة عن الإفراط في وصف المضادات الحيويّة، أو إساءة استخدامها، وضعف السيطرة على العدوى في المستشفيات، والإفراط في استخدامها في مزارع الحيوانات، إلى جانب رداءة المرافق الصحية.

ولكن أشار مؤلفو الدراسة الجديدة إلى أنّ هذه الأنشطة لا تُفسّر المشكلة بأكملها.

ويُظهر نموذجهم أنّ التلوث بالجسيمات هو المسؤول عن 11% من التغيرات في متوسط ​​مستويات مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة حول العالم، ما يجعله من المحرّكات الرئيسية لمقاومة المضادات الحيويّة.

وتُشير الدراسة التي نظرت في 9 من مسبّبات الأمراض البكتيريّة، و43 نوعًا من المضادات الحيويّة، إلى أن كل ارتفاع بنسبة 1% بتلوّث الهواء مرتبط بزيادة مقاومة المضادات الحيويّة بين 0.5% و 1.9%، اعتمادًا على العامل المُمْرض.

وذكر الباحثون ضرورة خضوع عملهم للمزيد من الاختبارات.

ولكن إذا كان هذا التحليل دقيقًا، وفي حال بقيت مستويات التّلوث بالجسيمات عند المستوى عينه تقريبًا، فسيكون مستوى مقاومة المضادات الحيويّة في جميع أنحاء العالم في عام 2050 أعلى من مستواه الحالي بـ17%.

وقد لا يبدو هذا العدد كبيرًا، لكنّه يعني وفاة حوالي 840 ألف شخص إضافي قبل أوانهم بسبب أمراض لا يمكن علاجها بالمضادات الحيويّة.

والدّراسة قائمة على الملاحظة، لذا لا يمكنها إثبات وجود صلة بين التلوّث بالجسيمات، ومقاومة المضادات الحيويّة، ولا يمكنها تفسير الرابط المُحتمل.

وتشمل إحدى الاحتمالات مساعدة التلوث بالجسيمات على انتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادات الحيويّة.

وأظهرت دراسات سابقة أنّ التلوث بالجسيمات قد يعمل كمصدر طاقة يحمل البكتيريا معه.

ورُصِدت جينات مُقاوِمة في الكائنات الحية الدقيقة المحمولة جوًا في المناطق التي توجد فيها المضادات الحيويّة عادةً، مثل المستشفيات، ومحطّات معالجة مياه الصرف الصحي، والمزارع.

وقد يؤدّي التلوّث نفسه إلى تغيير البكتيريا، وجعلها مقاوِمة للأدوية.

ويمكن للتلوّث بالجسيمات جعل البكتيريا أكثر ضراوة لدى اجتماعهما معًا.

ويرى العلماء أنّ سياسات الحد من التلوّث بالجسيمات ستكون مفيدة لصحة كل إنسان.

وقالت هونغ تشن، مؤلّفة الدّراسة الجديدة، وخبيرة ديناميكيات الأنظمة، وهندسة التحكّم في جامعة "تشجيانغ" بالصين: "تُعد مقاومة الجراثيم للمضادات الحيويّة وتلوّث الهواء من أكبر التهديدات للصحة العالمية بطريقتها الخاصة".

كما أنّها أضافت: "حتّى الآن، لم تكن لدينا صورة واضحة للرّوابط المُحتملة بين الاثنين، لكن يُشير هذا العمل إلى أنّ التحكّم بتلوّث الهواء قد ينجم عنه فوائد مزدوجة، فهو لن يُقلّل فقط من الآثار الضّارة لنوعيّة الهواء الرّديئة، إذ يمكنه أن يلعب دورًا رئيسيًا أيضًا بمكافحة ارتفاع وانتشار البكتيريا المقاوِمة للمضادات الحيوية".