بعد خسارته المعركة التي دخلت التاريخ باسم «معركة الكوت» عام 1915 ـ 1916 بين القوات البريطانية والقوات العثمانية في العراق حيث استسلمت القوات البريطانية بقيادة الجنرال طاوزند، فإن الأمطار الغزيرة التي هطلت على العراق في غضون الأيام الثلاثة الماضية أدت إلى انهيار المنزل الذي كان يقيم فيه في مدينة الكوت (170 كم جنوب شرقي بغداد) الجنرال طاوزند بعد 107 سنوات على إنشائه.
المنزل الذي يعد أحد المعالم التاريخية المتبقية من الاحتلال البريطاني للعراق والذي تزين واجهته الشناشيل، انهار بسبب الأمطار والعواصف القوية التي ضربت مناطق العراق كافة.
وبينما أمر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتعطيل الدوام الرسمي أمس (الخميس) في البلاد، فإن ستة أشخاص بينهم مسؤول كبير في وزارة الكهرباء لقوا مصرعهم بعد تعرضهم للصعق بالكهرباء في محافظتي الأنبار وبابل. ففي الأنبار لقي مدير صيانة دائرة كهرباء الصقلاوية في محافظة الأنبار رباح الراوي مصرعه إثر تعرضه لصعقة كهربائية أثناء أدائه واجبه. وفي محافظة بابل لقي ثلاثة من المواطنين يبلغون من العمر 16 و22 و30 عاما بسبب خروجهم من منازلهم لقطع التيار الكهربائي عن منازلهم أثناء أمطار غزيرة خوفا من أن تلحق التقلبات في شدته إلى أضرار في أجهزتهم المنزلية. وفي مدينة الكوت توفي طفل جراء صعقه بالكهرباء بينما توفي جده متأثرا بحادثة وفاة حفيده.
وفيما ارتفع الخزين المائي في البلاد التي تعاني شحاً كبيراً دق معه وزير الموارد المائية عون ذياب ناقوس الخطر بسبب الجفاف وقلة المياه الواردة من تركيا، فإن موجة الأمطار الغزيرة التي استمرت ثلاثة أيام متواصلة أدت إلى جرف العديد من القرى المحيطة بالأنبار جراء السيول وغرق شوارع المدن العراقية بمن فيها العاصمة بغداد. ولم يتوقف تأثير الأمطار على بغداد أو مدن الوسط والجنوب بل امتد التأثير إلى إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي بصلاحيات واسعة.
ارتفاع منسوب نهر الخابور قرب أربيل شمال العراق (أ.ف.ب)
وعلى طريقة «مصائب قوم عند قوم فوائد» فإنه في الوقت الذي يعاني أهالي المدن من الآثار المدمرة التي تتركها الأمطار في حال استمرت فترة أطوال مما يمكن أن تتحمله المجاري والصرف الصحي، فإن الفلاحين في القرى والأرياف الذي هم بلا بنى تحتية من هذا النوع يعبرون عن فرحهم الغامر جراء هطول المزيد من الأمطار كونها تسقي المزروعات وتروي عطش الحيوانات وتنهي الجفاف بالتربة وتزيد من المياه الجوفية. ووفقا للأمم المتحدة، فإن العراق هو واحد من أكثر خمسة بلدان في العالم معرضة لتأثيرات معينة لتغير المناخ. وفي الشهر الماضي أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تركيا طلب من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيادة حصة العراق المائية من نهر دجلة لمواجهة موسم الجفاف خلال الصيف المقبل وزيادة الخزين المائي بالسدود.
وبالفعل استجاب إردوغان لطلب السوداني حيث أمر بمضاعفة حصة العراق من إطلاقات مياه نهر دجلة لمدة شهر. وكثيرا ما يأخذ الجانب التركي على العراق عدم الاستفادة من المياه التي تطلقها تركيا في نهري دجلة والفرات نتيجة نظام الري المتخلف بالعراق. غير أنه وطبقاً للخبراء المعنيين في المياه فإن معادلة الماء مقابل النفط التي تعد إحدى الأوراق التركية الرابحة لمواجهة العراق الذي يعاني شحة المياه أوشكت على الانتهاء بعد موجة الزلازل التي ضربت تركيا قبل شهرين والتي من شأنها أن تؤثر على سدود تركيا التي تبلغ مئات السدود فضلا عن غزارة الأمطار التي ضربت تركيا أيضا مثل العراق والتي من شأنها مضاعفة كميات المياه في التربة التي تؤثر على البنى التحتية للسدود.
من جهتها أكدت الجهات الرسمية في سدي دوكان ودربنديخان في السليمانية ضمن إقليم كردستان ارتفاع منسوب المياه في السدين بسبب هطول كميات كبيرة من الأمطار خلال الـ24 ساعة الماضية. وذكرت إدارة سد دربنديخان، في بيان أمس الخميس أن «مياه سد دربنديخان ارتفعت بمقدار 50 سنتيمتراً بعد هطول أمطار غزيرة خلال الـ24 ساعة الماضية»، موضحة أن «كميات المياه في سد دربنديخان أصبحت الآن 1.494 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل 50 في المائة من إجمالي منسوب المياه».
بدورها أعلنت إدارة سد دوكان أن «مياه السد ازدادت خلال الـ24 ساعة الماضي بنحو (25) سنتيمتراً، والآن السد وصل إلى (38 في المائة) من خزينه.