مرت قرابة 104 أعوام، على الاجتماع المصيري الذى جمع الوفد المصري بزعامة سعد زغلول والوفد البريطاني وذلك لوضع صيغة الاعتراف باستقلال مصر، والذى تحل اليوم ذكراه في الثامن عشر من أغسطس بعام 1920، فقد كان هذا الاجتماع بداية النهاية لهذا الاحتلال الذى دام لعقود يسرق خلالها حرية المصريين ويعذب أبنائنا ويسلب ثرواتنا.
وجاءت فكرة تشكيل الوفد المصري قبل هذا الاجتماع بعامين في عام 1918، عندما شكل سعد زغلول وفد برفقة أصحابه، و اتفقوا على وضع مطالب محددة لرفعها أملا في الوصول إلى الاستقلال، وبالفعل سافر الوفد للمشاركة في مؤتمر الصلح لرفع المطالب المصرية بالاستقلال، وإزاء تمسك الوفد بهذا المطلب، ووسط تعاطف قطاعات شعبية واسعة مع هذا التحرك، لم يسمح الاحتلال البريطاني أنذاك، بتمرير مطالب الاستقلال لترى التور، فأصدرت قوات الاحتلال قرار بالقبض على سعد زغلول وثلاثة من أعضاء الوفد هم محمد محمود وحمد الباسل وإسماعيل صدقي، ورحّلتهم إلى مالطة فى الثامن من مارس عام 1919.
واستفز قرار القبض على زعيم الأمة سعد زغلول المصريين، الذين أشعلوا ثورة 1919، في جميع انحاء البلاد، والتي تصدت لها القوات البريطانية بأقصى درجات العنف، لكنها رغم ذلك سطرت تاريخ حديد لمصر على أعتاب الحرية وجعلت المقاومة في روح كل مصري، وكانت المرأة المصرية أهم ملامح تلك الثورة فقد شاركت بها بقوة وبرهنت على أنها شريك في صناعة القرار السياسي.
ورضخ الإنجليز لمطالب الشعب المصري وسمح لسعد زغلول ورفاقه للسفر لعرض مطالب الاستقلال في مؤتمر الصلح بباريس، وعلى الرغم من رفض مطالب الوفد المصري وعودته دون تحقيق مكاسب سياسية، لكن ذلك منح المصريين قوة اكبر ضد المحتل لتتجدد الثورة من جديد ويبدأ الشعب المصري حملة مقاطعة كبرى للبضائع الانجليزية.
واتخذ قوات الاحتلال البريطاني رد فعل عنيف وتقرر القبض على سعد زغلول ونفيه الى جزيرة سيشل بالمحيط الهندي لكن الثورة لم تهدأ وتيرتها وتصل الى ذروتها وهي التى تقودنا الى خطوة حاسمة كانت هي الأهم في تاريخ مصر.
قادتنا الثورة واصرار المصريين إلى صدور تصريح 28 فبراير عام 1922،، الذى نص على إلغاء الحماية البريطانية عن مصر وإعلان مصر دولة مستقلة، وصدور أول دستور مصري عام 1923، مع تشكيل أول وزارة برئاسة سعد زغلول عام 1924، وبعدها تمركز الإنجليز عند قناة السويس لترحل قوات الاحتلال عن اراضينا عام 1956.