استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 28/11/2023 ميلادي - 15/5/1445 هجري
الزيارات: 16
♦ الملخص:
فتاة تعيش في أوربا أحبَّت شابًّا من بلدها الأول، لكن ظروفه المادية لا تسمَح له بالتقدم إليها، فأنهيا علاقتهما؛ طمعًا في أن يكونا معًا فيما أحله الله، على وعدٍ بأن ينتظر أحدهما الآخر، والآن لم يعُد بمقدورها الانتظار؛ فكثيرون يتقدمون إليها، وفي الوقت نفسه، هي ما زالت تحبه؛ ومن ثَمَّ تسأل: هل يمكن أن تعرض عليه أن تساعده بالمال؛ حتى يتقدم إليها؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في الثانية والعشرين من عمري، أعيش في أوروبا، عرفت شابًّا في بلدي الأصلي، نشأ بيننا حبٌّ كبير، نتجاذب أطراف الحديث في كل شيء في حياتي، أجده دائمًا إلى جانبي، ساعدني على الاستقامة في العبادة والصلاة، ويوصيني دائمًا بما فيه خير، كأنه أب لي أو أخٌ، دائمًا يردد على مسامعي أنه يريد أن يتقدم إليَّ على سنة الله ورسوله، لكن ظروفه المادية ليست في أحسن حال؛ فهو الابن الوحيد لوالديه، ويوفر احتياجاته واحتياجاتهم من مجهوده الخاص، وهو يخشى ألَّا يستطيع أن يوفر لي المستوى الذي يتمناه لي؛ بعد صراع طويل، قررنا إنهاء تلك العلاقة المحرَّمة؛ أملًا أن يجمعنا الله على ما يرضيه، وقد أعطى كلٌّ منا الآخرَ وعدًا بالانتظار؛ حيث وعدني أن يتقدم إليَّ إذا ما تيسرت أموره، وإن لم يتزوجني فلن يتزوج غيري، هناك أمرٌ يدور بخَلَدي، لم أذكره له؛ وهو أن أساعده ماديًّا كي يتقدم لي، لكني لا أعلم كيف سيكون ردُّه، لم يعُد بمقدوري الانتظار أكثر؛ فكثير من الشباب يتقدمون إليَّ، وأرفضهم؛ فلا أريد أن أتزوج شخصًا غيره، فأظلمه معي؛ لأن قلبي مع حبيبي الأول، سؤالي: هل يجوز أن أعرض عليه مساعدتي في سبيل أن يتزوجني، وهذا أمر لا يعارضه أهلي؟ إني تائهة، ولا أريد غيره، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فالله تبارك وتعالى ركَّب في الإنسان غرائزَ، ودَلَّه على كيفية التعامل معها، والحذر من تركها دون ضوابطَ، حتى لا يفسُدَ دينه وينحرِف سلوكه، ومن ذلك الضوابط الشرعية في التعامل بين المرأة والرجل، البعد عن الخضوع في القول، والاختلاء المحرَّم، وإقامة علاقة صداقة بين الرجل والمرأة خارج إطار الحياة الزوجية.
ومشكلة التواصل العاطفي خارج إطار الحياة الزوجية، وتهييج المشاعر، أنها تبني تصوراتٍ وخيالاتٍ جميلةً، لكنها أشبهُ بالسراب الذي يحسبه الظمآنُ ماءً، ويترتَّب عليها تعلُّق القلب، وانشغال الذهن بطريقة خاطئة تُفسِد على الإنسان صفاء روحه، وتُذهِبُ بهاءَ نفسه، وربما ألْهَتْهُ وصَرَفَتْهُ عن التلذذ بمناجاة الله تبارك وتعالى، وأبعدته عن الخشوع والتذلل بين يدي الله؛ فيصبح الفكر مشغولًا بهذا الصاحب.
ومشكلة التواصل العاطفي كذلك خارج الحياة الزوجية أنه يَحرِم الفتاة ويفوِّت عليها الكثير من الفرص، وهي ترجو علاقة زوجية ربما لن تحصُلَ، وربما كان هذا الشابُّ ليس جادًّا في تحويلها إلى علاقة زوجية وشرعية، وإنما يريدها صداقةً خارج إطار الزواج؛ فهي أقل كُلْفَةً وأيسر مؤونة.
واعلمي أن الذي يحبكِ حقًّا سيبذُل الغالي والنفيس في سبيل الزواج بكِ، ولن يماطل أبدًا.
وليس من حقه أن يحبسكِ عن الزواج حتى تستقيم أحواله، وهذا الوعد باطلٌ وغير مُلزِم.
وما ذكرتِ من دفع المال إليه حتى يتزوجكِ، فهذا نوع من المجازفة؛ ذلك أن الذي بينكما هو اندفاع عاطفي لا أكثر، ومشاعر متهيجة، لا سيما وأنتما في مقتبل العمر.
ولذلك أنصحكِ بترك هذا الموضوع لولِيِّك، فإن رآه الشخص المناسب لكِ، تواصل هو معه.
ولا يفوتني هنا التنبيه على هذا الْمَزلَق الخطير، الذي هو مدخل من مداخل الشيطان، يُلبِّس به على الإنسان، ويكسو من خلاله الباطل بلِباسِ الحق، حتى يهدأ الضمير، ويرتاح البال، فلا يوجد في شرع الله محبة في الله بين رجل وامرأة لا تربطهما صلة شرعية، حتى وإن رغَّبَكِ في الخير، وأعانك على إقامة دين الله، فهذه الطريقة غير شرعية وغير جائزة، وتُفضي إلى الحرام.
واعلمي أن من ترك شيئًا لله عوَّضَهُ خيرًا منه؛ ولذلك أنصحكِ بإشغال نفسكِ بما ينفعكِ، واغتنام الفرص الجيدة، وعدم رد الخُطَّاب رجاءَ أمرٍ قد يكون بعيدَ المنال.
فإن كتب الله لكِ الزواج من غيره، فابدئي معه صفحة جديدة، وابذلي له من العاطفة ما يدعوه إلى محبتكِ، وخلِّصي نفسكِ من قيود العلاقة السابقة والخاطئة.
واستعيني على ذلك بالتوبة إلى الله سبحانه توبةً نصوحًا، وأكثري من الدعاء والاستغفار.
أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.