بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 03/11/2022 - 10:41
نتنياهو ملوحاً بيده لأنصاره داخل مركز حزب الليكود بعدما أشارت الاستطلاعات إلى تقدمه في الانتخابات - حقوق النشر Oren Ziv/AP
يبدو بنيامين نتنياهو في طريقه للعودة إلى منصبه السابق كرئيس للوزراء بعد أقل من 18 شهراً بقليل على خروجه من رئاسة الوزراء، حيث تشير نتائج الانتخابات التي أجريت الثلاثاء إلى حصول تكتله على 65 مقعداً في الكنيست بعد فرز نحو 93 بالمئة من الأصوات، الخميس.
ومن المتوقع أن يعود نتنياهو (73 عاماً)، الذي لا يزال يواجه في المحاكم تهماً بالفساد والذي شغل منصب رئاسة الوزراء لنحو 12 عاماً بدون انقطاع، إلى السلطة مدعوماً بأحد أكثر الأحزاب اليمينية تطرفاً في إسرائيل.
وكانت التيارات السياسية اليمينية المتطرفة في إسرائيل منبوذة إلى حدّ ما في الماضي، غير أنها تحتفل اليوم بشعبية غير مسبوقة، حيث تقدر الاستطلاع نسبة مقاعدها في الكنيست بنحو 10 بالمئة، ما سيؤمن لها الكتلة الثالثة الأكبر في الكنيست.
وفيما يقرّ كثيرون بالإنجاز الذي تشكله عودة نتنياهو إلى السلطة، يقول مراقبون إن النصر الحقيقي في الانتخابات الخامسة التي شهدتها إسرائيل في أقل من أربعة أعوام، حققته في الواقع الأحزاب اليمينية المتطرفة.
ويعول نتنياهو على دعم إيتمار بن غفير، رئيس حزب "عوتسما يهوديت" [القوة اليهودية] وقائمته القومية. الأخير قد يمنح وزارة أيضاً، ما يثير قلق الفلسطينيين وحتى الحلفاء الأمريكيين. كما يعول نتنياهو أيضاً على دعم زعيم اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش.
ويثير تحالف نتنياهو المرتقب مع المتعصب بن غفير قلقاً أيضاً في أوساط الأقلية العربية في إسرائيل. وحاول نتنياهو الذي يعي جيداً تداعيات تحالفه المرتقب مع بن غفير طمأنة القاصي والداني حيث قال إنه يسعى إلى تشكيل "حكومة وطنية مستقرة" تتصرف بمسؤولية وتتجنب "المغامرات غير الضرورية" و"توسع دائرة السلام".
وكان نتنياهو وعد في تموز/يوليو الفائت بإبرام اتفاقيات سلام كاملة مع السعودية ودول عربية أخرى.
من هو نتنياهو؟
استطاع نتنياهو عبر مشواره السياسي تحقيق لقب رئيس الوزراء الأطوال خدمة في إسرائيل، إلا أن هذا الإنجاز شابته الكثير من المطبات والمشكلات وما زالت، والتي ستبقى وصمة في سجله.
ونجح "الملك بيبي" كما يناديه أنصاره في فرض نفسه بشكل محوري في النظام السياسي في إسرائيل، علماً أنه الوحيد بين جميع رؤساء الوزراء في تاريخ إسرائيل الذي ولد بعد قيام إسرائيل في أيار/مايو 1948.
وخلال ولايته الأخيرة قبيل خروجه من السلطة، حقق نتنياهو نجاحاً عبر توقيع اتفاقيات سلام مع الإمارات والبحرين، ولاحقاً مع السودان والمغرب، فيما سعى خلال تلك الفترة إلى توطيد علاقات غير معلن عنها بالممكلة العربية السعودية.
البدايات
ولد نتنياهو في 21 تشرين الأول/أكتوبر 1949 في تل أبيب، وورث عن والده بنتسيون عقيدة متشددة، إذ كان هذا الأخير المساعد الشخصي لزئيف جابوتنسكي، زعيم تيار صهيوني يقدم نفسه على أنه "تصحيحي" يسعى لتأسيس "إسرائيل الكبرى" التي تشمل الأردن.
في فترة من الفترات، دافع نتنياهو عن رؤيته لإسرائيل بوصفها "دولة يهودية" يجب أن تمتد حدودها في الجهة الشمالية الشرقية وصولاً للأردن. ومن هنا يأتي وعده سابقاً بضمّ غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة.
خدم نتنياهو في وحدة نخبة مرموقة في الجيش الإسرائيلي. كان ذلك بعد حرب 1967 التي استولت خلالها اسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، علاوة على الجولان السوري وسيناء المصرية.
عام 1976، قتل شقيق نتنياهو ، يوناتان، أثناء مشاركته في عملية عسكرية نفذتها الوحدة التي كان يشرف عليها لتحرير الرهائن المحتجزين على متن طائرة خطفتها منظمتان فلسطينية وألمانية في أوغندا. تأثر بنيامين بمقتل شقيقه، وجعل من "مكافحة الإرهاب" الذي ينسبه غالباً إلى الفلسطينيين، أحد أبرز محاور مسيرته السياسية.
يتمتع نتنياهو بموهبة الخطابة وبالعزم، ما ساعده في أن يصبح في الثمانينات دبلوماسياً في واشنطن ثم سفيراً في الأمم المتحدة. ومع عودته إلى إسرائيل، انتخب عام 1988 نائباً في البرلمان عن الليكود، أكبر أحزاب اليمين، وصار نجم الحزب الصاعد بأسلوبه المستوحى من الأمريكيين.
أثناء حرب الخليج عام 1991، التي تعرضت خلالها إسرائيل لقصف بصواريخ "سكود" عراقية، دافع النائب الجديد عن وجهة النظر الإسرائيلية عبر تلفزيون "سي إن إن" الأمريكي. فبدا مرتاحاً أمام الكاميرا، عارفاً بقواعد الإعلام وطليق اللسان. وواصل صعوده وصولاً إلى عام 1996 عندما تفوق في عمر الـ47 على شيمون بيريز وصار أصغر رئيس حكومة في تاريخ إسرائيل.
تكتيك سياسي
بعد وصوله إلى السلطة عام 1996، لم يستمر حكمه إلا ثلاثة أعوام. لكن عقب غياب وجيز، عاد إلى السياسة. استرد قيادة الليكود ثم رئاسة الوزراء عام 2009. ومنذ ذلك الحين، حتى العام 2021، لم تعرف إسرائيل غير "بيبي" الذي احترف تشكيل التحالفات وجذب الأحزاب الصغيرة والتنظيمات الأرثوذكسية المتشددة، لتثبيت حكمه.
يقدم نتنياهو نفسه على أنه أكبر مدافع عن إسرائيل في وجه إيران التي يعتبرها بمثابة "العماليق" المذكورين في التوراة بوصفهم عدواً شرساً للعبرانيين. لكن خصومه يعتبرونه تسلطياً مستعداً لفعل أي شيء للبقاء في منصبه.