لم تتحقق أحلامي

منذ 3 أشهر 74

لم تتحقق أحلامي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/8/2024 ميلادي - 14/2/1446 هجري

الزيارات: 45


السؤال:

الملخص:

شاب كان حلمُه أن يتخصَّص في الطب، لكنه حلمه هذا ضاع بسبب أنه لم يحصُل على معدَّل كلية الطب، فتخصَّص في التمريض، فأُصيب بخيبة أملٍ وإحساس بالفشل، ويسأل عن حلٍّ.

التفاصيل:

أنا شاب عمري 24 سنة، محطَّم نفسيًّا وعقليًّا؛ لأني كنت أطلُب من الله تحقيق حلمي ولم يتحقَّق، أنا الآن في تخصُّص التمريض المرحلة الأخيرة للتخرج، كنت متفوقًا منذ المرحلة الابتدائية والبكالوريا، لكني في آخر مرحلة من الثانوية لم أحصل على المعدَّل المطلوب لدخول كلية الطب، وقد كان حلمي منذ الطفولة أن أُصبح طبيبًا ناجحًا، لم يتحقَّق حلمي بعد هذه المعاناة، وقد تخطَّيت مرحلة الثانوية وهي سنتان؛ لكي أحصل على المعدَّل المرجو لدخول كلية الطب، وقد تَعِبت كثيرًا، واجتهدت في مسيرتي الدراسية، وكنت أحصُل على أعلى الدرجات في المرحلة المتوسطة والبكالوريا، ولكن في المرحلة الأخيرة من الدراسة - وهي مرحلة الثانوية العامة - أعدَّتُها مرتين؛ لكي أصل إلى هدفي، وأحقِّق هذا الحلم الذي يراودني منذ الطفولة، ولكن في آخر امتحان - وهو امتحان الفيزياء - كنتُ أُريد أن أرسُب في المادة؛ لكي أعيد الصف من جديد، وأنا أعرف أني لن أحصل على معدل الطب، فجأة وصلتني النتيجة بأني ناجح في هذه المادة التي كنتُ أُريد أن أرسُب فيها؛ لكي أُعيد السنة الثالثة، وأحصُل على المعدل الذي أُريده، لكني الآن لا أستطيع إعادة هذه السنة؛ لأني أُعَدُّ ناجحًا في مرحله الثانوية العامة، وقد دخلت تخصُّصًا آخرَ، ومرت ٤ سنوات وما زلت أتألَّم كثيرًا بسبب التفكير.

أنا الآن محطَّم؛ لأني دخلت تخصُّص التمريض الذي لم أُحبه أبدًا؛ لأن حلمي كان دخول كلية الطب، لكني فشِلت في تحقيق هذا الحلم، بسبب خطأ بسيط في الثانوية العامة.

يكاد التفكير يقتلني، لأني أُحمِّل نفسي سببَ فشلي في دخول تخصُّص الطلب، أسأل نفسي كثيرًا: هل هذا النجاح من الله؛ لكيلا أعيد السنة الثالثة؟!

أنا الآن لا أعلم ماذا أفعل، تعِبت كثيرًا ولا أنام الليل بسبب التفكير والحزن على شيء لم يتحقق في الماضي، ومرَّت سنوات عديدة وأنا ما زلت لم أتقبَّل تخصص التمريض هذا؛ لأني دخلته مرغمًا، أتمنى وجود حلٍّ نهائي لمشكلتي؛ لأني تعِبت كثيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

فحيَّاكم الله أخي الكريم، وأسأل الله أن يُرضيك بما كُتب لك، وأن يشرح صدرك لكلِّ خيرٍ.

لكلٍّ منا أحلامٌ وأماني نسعى إليها، ونأخذ بأسبابها إن وُجدت، ونرجو من الله وهو كريم جوَاد سبحانه، خزائنه مَلْأَى، وهو الحكيم العليم يعطينا الذين ينفعنا ويُصلحنا، وليس كل ما نطلُبه.

فكثيرٌ منا قد يطلب ما يُهلكه وهو لا يعلم أن هذا الأمر الذي يدعو به قد يكون سببَ هلاكه.

أخي الكريم، قلبك الذي تَمزَّق على ضياع كلية الطب، أكان الله عاجزًا أن يدخلك إياها؟

أكان الله عاجزًا أن يعطيك سؤلك؟! حاشاه سبحانه وتقدَّست أسماؤه، أنت أخذت بالأسباب واجتهدت وسعيتَ، وجاءت النتيجة على خلاف ما كنت ترجو، إذًا سلِّم أمرك لله وارضَ.

نحتاج دائمًا حينما تأتي النتائج على غير ما نريد ونتمنى أن نضع أمامنا دائمًا قوله سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

ردِّدها بداخلك دائمًا حينما يداهمك الحزن والأسى، واستعِذ بالله من الشيطان، فلا شيء أحب إليه من تحزين المسلم.

أقرِّب لك الأمر بمثال يسيرٍ، طفل صغير أمسك بمسامير من الحديد، وأراد أن يوصلها بمقابس الكهرباء ليلعب، فرآه الوالد فأخَذ منه المسامير، فبدأ الطفل يصرُخ ويبكي، هو يريد أن يلعب ويتسلى، فهنا هل يستجيب والده لبكائه وصُراخه؟ بالطبع لا، ولو استجاب له وأعطاه ما أراد لقلنا أنه يريد هلاكه، ولله سبحانه المثل الأعلى، يَمنع عنا ما يؤذينا وما يُهلكنا وما يُطغينا، ونحن نبكي ونتألم على فوات ما تمنَّينا، ولو أخذنا ما أردنا لهلَكنا، لا بد أن نظن في ربنا خيرًا؛ قال شيبة الراعي لسفيان الثوري: يا سفيان، عُدَّ منعَ الله عطاءً، فإنه لم يمنعك بخلًا إنما منعك لطفًا.

لا بد أن تستقرَّ هذه المعاني في نفوسنا جميعًا، لا بد من ترسيخ مفهوم الإيمان بالقدر خيره وشره، لا بد أن نقرأ عن أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، حينها لن نعرف للهمِّ والغم والضيق سبيلًا.

أخي الكريم، انفُض عنك غبار الحزن، واجلس مع نفسك، وعُدَّ نِعَمَ الله عليك، ولن تستطيع عدَّها جميعًا، تأمل فيها، أعطاكها الله دون طلب، ولربما حُرِمَ غيرُك من كثيرٍ منها.

احمد الله على الموجود، ولا تُكثر التفكير في المفقود، تفوَّق في التخصص الذي كتَبه الله لك، وضع نيات صالحة أن تتقرَّب به لله، وأن تنفع به المسلمين.

واعلم علمَ اليقين أن هذا هو عينُ الخير لك، وأكثِر من الدعاء بأن يرضي الله قلبك، فإن رضي قلبُك هانت عليك كلُّ بلوى.