لم أوفق في الزواج بسبب لون بشرتي

منذ 1 سنة 568

لم أوفق في الزواج بسبب لون بشرتي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/1/2023 ميلادي - 25/6/1444 هجري

الزيارات: 18



السؤال:

الملخص:

امرأة بلغت الأربعين ولم تتزوج إلى الآن؛ بسبب لون بشرتها، وقد سلكت في سبيل ذلك طرقًا كثيرة، ودعت ربها كثيرًا، لكن الحال لم يتغيَّر، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا في مقتبل الأربعينيات من عمري، ما زلت آنسة؛ إذ إني أعاني عدم توفيق في أمر الزواج، ففي العشرين من عمري، كان يتقدم لي الخُطَّاب، فإما أن أرفضهم، وإما أن يرفضوني؛ لأني ذات بشرة غامقة، أو لأنني أكبرهم بسنة أو سنتين، تعبتُ من سوء حظي وعدم التوفيق، والآن لا يأتيني أي خطَّاب، حتى عندما كنت صغيرة، كان عدد من يتقدمون إليَّ قليلًا؛ بسبب لون بشرتي، طرقت أبوابًا كثيرة حتى إنني ذهبت إلى امرأة من اللاتي يجلبنَ العروس، وكان رفضهم لي بسبب أنني قمحوية اللون، لجأت لربي فأصلي بانتظام، وأحافظ على السنن، والزكاة والصدقات، ودعوتُه كثيرًا، وأنا على ذلك منذ سنين، والحال كما هو، وحالتي تسوء، والكرب يشتد، وتأتي عليَّ أوقات يصيبني اليأس، وأقول: أين ربي؛ فأنا أطيعه وأدعوه منذ سنوات؟ ما الحل؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- لا يتقدم لكِ من يرغب في الزواج منكِ.

٢- بذلتِ أسبابًا كثيرة؛ منها: الدعاء، وعرض نفسكِ على خطابة...

٣- يقولون عنكِ: إنكِ قمحوية؛ يعني: ببشرتكِ شيء من السمرة، وأنتِ تعتقدين أن هذا هو السبب في عدم زواجكِ.

٤- بعدما دعوتِ الله كثيرًا ولم يتيسر لكِ الزواج، أصابكِ نوع من اليأس، حتى إنكِ تساءلتِ: أين الله؟ لماذا ترككِ ولم يُجبْ دعواتكِ؟ بل وحالتكِ تسوء، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: اعلمي - وفقكِ الله - أن الله سبحانه وعد وعدًا جازمًا بأن يجيب دعوة الداعي؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].

وقال عز وجل: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].

ثانيًا: ولكن استجابة الله للدعاء مشروطة بشروط؛ منها:

١- الصدق.

٢- واليقين.

٣- وإطابة المطعم.

٤- وعدم الدعاء بإثم ولا قطيعة رحم.

٥- وعدم الاستعجال واليأس.

للأحاديث الآتية عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهي:

عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يُسْتجَابُ لأَحَدِكُم مَا لَم يعْجلْ؛ يقُولُ: قَد دَعوتُ رَبِّي، فَلم يسْتَجبْ لِي))؛ [متفقٌ عَلَيْهِ].

وفي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ: ((لا يزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ، أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ، قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ، مَا الاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ)).

ثالثًا: ثم إن استجابة الدعاء تكون بإحدى الدرجات الواردة في الحديث الآتي:

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا عَلى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّه تَعالى بِدَعْوَةٍ إِلاَّ آتَاهُ اللَّه إِيَّاهَا، أَوْ صَرَف عنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَم يدْعُ بإِثْم، أَوْ قَطِيعَةِ رحِمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّه أَكْثَرُ))؛ [رواه الترمذي، وقال: حَدِيثٌ حَسنٌ صَحِيحٌ، وَرَواهُ الحاكِمُ مِنْ رِوايةِ أَبي سعيِدٍ، وَزَاد فِيهِ: ((أَوْ يَدَّخر لهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلَها))].

رابعًا: وقولكِ: أين الله؟ تدعينه فلا يستجيب لكِ، قولٌ باطل يدل على مدى اليأس الذي أصابكِ؛ فأنتِ تدعين الله بأحد الخيارات الآتية: إما أن يستجيب طلبكِ، أو يصرف عنكِ من الشر مثله، أو يدخر الله لكِ هذه الدعوات، ويرفعكِ الله بها درجات في الجنة.

خامسًا: واعلمي أن الله سبحانه يبتلي لحكمة، ويعطي لحكمة، ويمنع لحكمة، وقد يكون المنع الذي هو في ظاهره شرٌّ - قد يكون خيرًا عظيمًا للمؤمن، وهو لا يعلم؛ كما قال عز وجل: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

سادسًا: واعلمي - حفظكِ الله - أن الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، لا يكون المؤمن مؤمنًا إلا بالإيمان به، والصبر واجب على المؤمن، والزواج قدر كتبه الله سبحانه قبل خلق السماوات والأرض؛ لقوله عز وجل: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

سابعًا: وما يصيب المؤمن من مصيبة إلا بقدر سابق؛ لِحِكَمٍ يعلمها الله سبحانه؛ منها: تقوية الإيمان، ومنها تكفير الخطايا، ورفع الدرجات في الجنة؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

ثامنًا: وأما اعتقادكِ أنه لم يتم زواجكِ لأنكِ سمراء، فهو ليس بصحيح، نعم، قد يكون سببًا فقط عند بعض الناس، وليس كلهم، هناك غيركِ سمراوات، بل من لونهن أسود، وتزوجن، وسعدْنَ.

تاسعًا: ومن العلاجات لمشكلتكِ الآتي:

كثرة الدعاء.

الاستغفار.

الاسترجاع.

الصدقة.

صدق التوكل واليقين.

بذل الأسباب المشروعة.

ثم بعدها كلها الرضا بما يقسم الله، واليقين بأنه هو الخير بلا أدنى شك.

حفظكِ الله، وفرج كربتكِ، ورزقكِ قوة الإيمان واليقين، والزوج الصالح.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.