لا أستطيع نسيان اتهام زوجي لي بالتظاهر بالتدين... فما الحل؟

منذ 10 أشهر 175

لا أستطيع نسيان اتهام زوجي لي بالتظاهر بالتدين... فما الحل؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2024 ميلادي - 3/7/1445 هجري

الزيارات: 20


السؤال:

الملخص:

امرأة متزوجة، تشكو إهانات زوجها المتكررة كلما جدَّ خلاف بينهما؛ فهو يصدر أحكامًا مطلقة عليها، ويتهمها بالتظاهر بالدين كلما وجدها في صلاة أو تلاوة للقرآن، وهي لا تستطيع تجاوز تلك الإساءة، وتسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله، أنا متزوجة منذ إحدى عشرة سنة، ولدي أطفال، مشكلتي مع زوجي أنه في كل مرة يحصل فيها خلاف بيننا، لا يعدو سببه أن يكون تافهًا يرجع لضعف في التواصل – دائمًا تكون ألفاظه جارحة وقاسية، ويتهمني بما ليس فيَّ، على أنني لا تصدر مني أي إساءة له، بل أكتفي بتبرير موقفي وشرح دوافعي لِما حصل، أما هو فيتهمني بسيِّء الأخلاق، حتى إنه يتهمني بانعدام الأخلاق والتربية، وهذا يحُزُّ في نفسي كثيرًا؛ لأنه ليس صحيحًا، وما يقهرني أكثر أنه يطعن في ديني منذ زواجنا إلى اليوم، كلما جدَّ بيننا خلاف، مثلًا يقول: تتظاهرين بالدعاء والتضرع إلى الله والتقوى، وأنت لا تحسنين التصرف مع زوجك، وقال لي مرات عديدة: أنتِ بعيدة كل البعد عن الالتزام، مع أني أجاهد نفسي في كل أمور ديني، لا أدَّعي الصلاح، ولا أزكِّي نفسي، لكني - والحمد لله - أسير على الطريق، وأسعى إلى رضا الله، في حجابي، في عبادتي، وفي معاملاتي، وغيرها، كلامه هذا يحزنني كثيرًا؛ إذ فيه اتهامٌ لي بالنفاق، في حين أنه لا يعلم حقيقة القلوب إلا الله وحده، وعلى إثره أظل أيامًا أتحاشى التواصل معه، إلا في الضروريات، وأكتفي بالقيام بواجباتي، وقد كان كلامه هذا من مداخل الشيطان؛ حيث تخليت في فترة عن حفظ القرآن وعن النوافل؛ حتى لا أشعر أني أتظاهر أمامه بالصلاح، اليوم أنا مرهقة نفسيًّا جدًّا، ولا أستطيع التخلي عن وِرْدي القرآني، ولكني دائمًا أتجنب أن يراني أُمْسِك المصحف، أعيش صراعًا ولا أستطيع نسيان كلامه الجارح، مهما طالت السنون، أفيدوني كيف أفعل؟ وأرجو منكم توجيه كلمة أو مقال عبر هذا الموقع، مفاده أن قوامة الرجل لا تعني تسلُّطه واستضعافه للمرأة، بتجريحها وإهانتها باستمرار، وأن الأخطاء الحاصلة بين الزوجين ليست مبررًا لتوجيه اتهامات مُطْلَقة للطرف الآخر، والطعن فيه، جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على النبي الأمي الأمين، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ أما بعد أختي الطيبة:

فيبدو أنكِ إنسانة خلوقة على قدر عالٍ من الدين، نحسبكِ من الصالحات والله حسيبكِ، أنتِ كذلك من النساء مرهفة المشاعر، التي تؤلمها الكلمة، ويحزن قلبها التنكُّر، تعاملين الناس بذوق عالٍ وحساسية شديدة على مشاعرهم، وتنتظرين منهم نفس المعاملة، لكن هيهات!

حال زوجكِ هذا يكاد يكون ظاهرة، خاصة مع النساء الخلوقة التي تبتغي وجه الله من وراء الزواج وغيره، وسبحان الله كأن الله يجعل البلاء فيما تعلقت به النفس، وهذا يكاد يكون من طبيعة الدنيا؛ ألَّا يكون البلاء إلا في أعمق نقطة اشتهاء سكنت القلب، وليس أمام المؤمن إلا الصبر والاحتساب على بلائه أيًّا كان، فإن آنَسَ الكريم من عبده رضًا، أرضاه بحوله وقوته، وهو ملك القلوب سبحانه وتعالى.

زوجكِ هذا يا عزيزتي يطمع في شيء محدد منكِ، إذا نفذتِهِ له فأنتِ التقية النقية المطيعة، حتى لو لم تفتحي المصحف، ولو لم تلبِّيه له فأنتِ شيطان رجيم، لن يغني عنكِ شيء، ولن يزكيكِ في عينه شيء.

تفقَّدي أحوالكِ معه ورغباته التي صرَّح بها أو ألمح لكِ بها، فإن استطعتِ تنفيذها نفِّذيها، لا بأس، فراحة البال لها ثمن كبير، وهي مكسب عظيم، وأما إن كانت فوق طاقتكِ، أو فيها ضرر لكِ، فابحثي عن حل وسط.

أتَتْنِي مشكلة مطابقة لحالتكِ، وبتتبع الأمر، وجدنا الزوج يطمع في راتب زوجته كاملًا، ويعطيها هو مصروفها بحسب طاقته، ولم يُرْضِه شيء، لا الربع ولا النصف، ولا الصبر حتى تسدد قروضها التي فرشت بها بيته قبل الزواج، لا يقبل إلا أن تكون البطاقة في يده وهو المتصرف الوحيد، جربت شهرًا، فكان الملاك الطاهر معها، ولم يهمه صلاتها ولا قرآنها، ثم اضطرت لأخذ البطاقة منه بعد تراكم الديون عليها، فعاد وحشًا كاسرًا، فتركته وانصرفت إلى غير رجعة، لكنها ليس لديها أطفال، لعيون أطفالكِ اصبري وفتشي في سقطات حديث زوجكِ، ستجدين ما يرضيه، عالجي نفسكِ وارضيه بقدر الطاقة؛ حسبةً لله، وإكرامًا لعيون أولادكِ، وأمانهم واستقرارهم.

أما عن توجيه كلمة للزوج، فقد نشرت مقالًا على الموقع؛ لعله يقرؤه تحت عنوان: (بهدوء).

نأتي لشيطانكِ الذي يصدكِ عن سبيل الله، إن كنتِ تتعبدين لزوجكِ فاتركي العبادة، وإن كنتِ تتعبدين لله فأمسكي عليكِ دينكِ؛ فهو عصمة أمركِ، أرضاه ذلكِ أم أغضبه، هل يترك العاقل تِرْياقَه من السُّمِّ؟

لولا القرآن لأكلت قلوبنا الهموم، وأكاد أجزم بهذا في حق البشر كلهم، فاحمدي الله أن ربطكِ بكتابه، وسَلِيه سبحانه وتعالى أن يجعله شفاء لصدركِ ونورًا، ودرِّبي نفسكِ على التحمُّل والصبر على الأذى، فلسانه السليط يزيد أجركِ ويزيد ذنوبه، لا أقصد ألَّا تعالجي وتعترضي، بل عالجي واعترضي، بل واتركي البيت ولو أسبوعًا أو اثنين، إن استطعتِ على سبيل العقاب والمعالجة، لكني أقصد ألَّا تأخذ كل كلمة من نفسكِ بهذه الطريقة المؤلمة التي تكدر خاطركِ وتبكيكِ، صدقيني غالب الألفاظ الجارحة ناتجة عن اختلاف الثقافات لا عن قصد الجرح، فربما بيئته مختلفة عنكِ، وتعبيراته المؤلمة هذه ورثها دون أن يفكر، ويكررها دون أن يقصد، فالأمر في غالبه اختلاف ثقافات لا قصد الإهانات، وإن كنت لا أبرر ذلك؛ فالمؤمن ليس بالطَّعَّان ولا اللَّعَّان، ولا الفاحش البذيء، فكل فحش في اللسان دليل على قلة إيمان، وكل نظافة ورُقِيٍّ دليل إيمان، فخُذِي الأمر على أنه هذا أسلوبه، وهذه بيئته، وهذا مستواه الإيماني، وأكْثِري له من الدعاء والصدقة بنية شفائه من هذا الطبع، وجددي في حياتكِ، تعلَّمي شيئًا جديدًا، مارسي عملًا مناسبًا، قللي المراقبة وأكثري من الانشغال بما ينفع، والتجاهل، ستجدي أكثر مشاكلكِ تبخرت بحول الله.

ثم إن عِشْرَةَ أحد عشر عامًا تستحق الصبر والحيلة، وطرق كل أبواب العلاج.