السؤال:
السلام عليكم أنا فتاة تعيش في برطانيه، و لحكم طبيعية الحياة هنأ يتوجب على انا اتعامل مع الشاذين جنسيا. سؤالي هو هل يجوز انا اتعامل معهم ب الحسنا بغير نصحهم علما بان لو انكرت عليهم فعلهم قد اعاقب بالقانون، و هل يجوز لي ان اقول عيشو حياتكم كما توردون و دعوني اعيش حياتي كما ارد من غير ان اوافق علي فعلكم او ادعكم و انت لا يجب عليكم ان توافقو علي فعلي و ديني ارجو الإفادة جزاكم الله خيرا
الإجابة:
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ
فمن من العلوم بالضرورة أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم واجبات الشريعة؛ كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغيِّره بيده، فإن لم يَستطِع فبلسانه، فإن لم يَستطِع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان))؛ رواه مسلم، غير أنه من شروط تغيير المنكر ألا يؤدي إلى منكر أعظم منه؛ فحينئذ يسقط الأمر عن المكلف، ويتعين عليه أن ينكر بقلبه.
أما التعامل مع هؤلاء الشواذ الذي تحميهم قوانين الغرب الكافر، فهو التعامل مع أمثالهم من الكفار بالحسنى، والأسلوب الحكيم ومراعاة آداب الإسلام الراقية؛ قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } [البقرة: 83]، وقد أمر الله رسوله- صلى الله عليه وسلم- أن يدعوا إلى سبيل ربه الكفار بالحكمة والموعظة الحسنة؛ قال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]، وليس هنالك تعارض ولا اختلاف بين التوجيهات القرآنية المتعددة؛ فالحكمة والموعظة الحسنة إنما هما في لغة الحوار والكلام، بخلاف إعتقاد القلب، فالوسيلة والطريقة إلى التبليغ شيء، ومادة التبليغ وموضوعه شيء آخر، وإنما المطلوب هو عدم مداهنة هؤلاء الشواذ، أو إتخاذهم خلان وأصدقاء، وإنما ننظر لهم بعين القدر عند التعامل معهم.
ومن تأمل هدي الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم- منذ الأيام الأولى للدعوة لعلم أنه كان يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة في طريقة التبليغ، وكان يفاصل مفاصلة كاملة في العقيدة، فكان مأمورًا أن يقول: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ* وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 1 - 6] فيصفهم بصفتهم ويفاصلهم في الأمر، ولا يقبل أنصاف الحلول التي يعرضونها عليه، ولا يدهن فيدهنون، كما يودون! بل يقول لهم: إنهم على الباطل المحض، وإنه على الحق الكامل، فيصدع بكلمة الحق عالية كاملة فاصلة، ولكن في أسلوب لا خشونة فيه ولا فظاظة.
فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة، وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلا عن هيبتها واحترامها وكيانها، والجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة، ويشعر المجادل أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها، والاهتداء إليها. في سبيل الله، لا في سبيل ذاته". قاله صاحب الظلال.
والحاصل أن من قسوة قلوب الشواذ، وكثافة حسهم، وفساد فطرهم، وقلة حيائهم، لا ينبني عليه سوء معاملاتهم،، والله أعلم.