السؤال:
انا انسانه متدينة و خلوقة و لم أعجب بشاب في حياتي و ارهم جميعا سوأ حتي الجامعه و استمر الأمر كذالك حتى وجدت انا أحد زملائي من الشباب تعامله لطيف مع الجميع و بالأخص انا وعندما ازدادت علاقتي لسوء الفتيات من حولي فاستاذنت والدتي في التواصل معه لمساعدتي لان الفتيات رفضن مساعدتي و انا في أكثر اوقات ضعفي و حاجتي للمساعدة أخبرته اني في غربه وليس أصدقاء او اخوه ذكور او احد ألجأ اليه و أريده اخا مساعدا (أشعر أني لم اوفق في الكلام و اخشي ان يكون قد اساء فاهمي ماذا افعل؟)
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما وقعت فيه من طلب المساعدة من هذا الشاب هو محض تزين وتلبيس من الشيطان؛ لِيُوقِعَكِ في الشَّرِّ، ويَصُدَّك عَن طَرِيقِ الخَيْرِ؛ فالمتتبع للسنة النبوية المشرفة، وقبلها آي القرآن العظيم لا يتردد في الحكم على عدم جواز اختلاط الرجال الأجانب بالنساء؛ لما يترتب عليه من فتن ومفاسد يشهد بها الواقع المنظور!
والشريعة الغراء حرمة أي علاقة بين الجنسين إلا في ظل زواج شرعي؛ بل إن الشارع الحكيم منع كل الأسباب والوسائل التي تفضي إلى الفساد؛ سدًّا للذريعة، فأمر بغض البصر؛ قال الله – تعالى -: {قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور:30]، حتى ولو كانت الشهوة منتفية؛ لأنه يخاف ثورانها، ولهذا حرِّمت الخلوة بالأجنبية؛ لأنها مظنة الفتنة؛ والأصل أن كل ما كان سبباً للفتنة فإنه لا يجوز، فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدُّها؛ وهذه من قواعد الدين الكبار، والله - تعالى - قد فطر الإنسان وخلقه من ذكر وأنثى، وركَّز في كلٍّ منهما غريزة الميل إلى الجنس الآخر، قال – تعالى -: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: 189]، والله تعالى خلق الإنسان وهو أعلم بمن خلق، ويعلم مساربه ومداخله، وأعلم بفطرته وبما يصلحها وما يصلحها؛ قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك: 14]، فلا لا تفتح مغاليق الفطرة إلا بمفاتيح من صنع الله، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده- سبحانه- وفي منهجه وحده مفاتيح كل مغلق، وشفاء كل داء؛ قال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا } [الإسراء: 82]، وقال: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
ومما جاء في منهج القرآن العظيم أن الشَّيطانُ يَجري منِ ابْنِ آدم مَجرى الدَّم، ومن ثمّ نهانا سبحانه وتعالى من اتِّباع خطوات الشيطان فقال الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21]، وحذَّرَنَا النَّبيُّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلم - من التَّطلُّع للفِتَن، فقال: ((ستكونُ فِتن، القاعد فيها خيرٌ من القائم، والقائمُ فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي، ومن يُشْرِف لها تَستشرفه، ومن وجد ملجأً أو معاذًا فليعذ به))؛ متفق عليه.
وبين أن الاختلاط من أشد الفتن فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما تركتُ بعدي فتنةً هي أضرُّ على الرجال من النساء))؛متفق عليه؛ ولهذا المعنى الدقيق نهى الله تعالى عن الاقتراب من جميع مقدمات الزنا ودواعيه، من النظر والخلوة واللمس وغيره؛ فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، خصوصاً في هذا الأمر؛ فإن الداعي إليه قويٌّ عند عامة النفوس؛ أجل هذا قال الله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} -: والنهي عن قربان الزنا أبلغ من النهي عن فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن مقدماته، ومنها الاختلاط .
إذا تقرر هذا، فيجب عليكِ الابتعاد عن ذلك الشاب؛ حفاظًا على دينك وأخلاقك، وصوناً لقلبيك،، والله أعلم.