♦ الملخص:
فتاة دخلت في علاقة مع رجل متزوج، وكانت بينهما رسائل وفيديوهات حميمة، فاكتشفت زوجته علاقتهما، وهددتها بالفضيحة، والفتاة لا تدري ماذا تفعل، وتخجل من فعلها هذا، وتبكي ليل نهار، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
كنت في علاقة مع رجلٍ متزوج ولديه بنتٌ، أحببتُهُ حبًّا كبيرًا، لا أدري كيف وصلت إلى هذا الحد في حبِّه، وهو أيضًا أحبَّني، وكان يعبِّر عن حبه وشوقه لي دائمًا، في السابق كنت أرفض مثل هذا النوع من العلاقات، المهم فطِنتْ زوجته لعلاقتنا، ورأت رسائلنا وكانت حميمة، ورأت الفيديوهات أيضًا، وهدَّدتْني بالفضيحة، ودعت عليَّ بالمرض، والموت، وألَّا أهنأ أبدًا، لا أدري ماذا أفعل، لا أريد أن أكون "خرَّابة" للبيوت، فهذا ليس من خُلُقي، وكيف سأستطيع العيش في المستقبل مع زوجي إن هي فضحتني، فهل أطلب إليها الاعتذار؟ تبتُ إلى الله، وأنا خجِلَةٌ من ربي ومن نفسي ومن عائلتي، وأبكي ليلَ نهار، فبمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
1- دخلتِ في علاقة حبٍّ مع رجل متزوج.
2- علمت زوجته، فهددتكِ بالفضيحة، ودعت عليكِ، وأنت خائفة جدًّا من فضيحتها لكِ، ومن دعواتها عليكِ.
3- وخجلتِ من الله ومن فَعلتكِ المهينة.
4- وتسألين: هل تعتذرين منها وتطلبين منها المسامحة أم لا؟
ثم تطلبين الإفادة، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لا شك أن ما حصل منكِ خطأ شنيع تبعته معاصٍ أخرى، ولكن باب التوبة مفتوح؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾ [الزمر: 53 - 56].
ثانيًا: المعصية التي بين العبد وربه سبحانه يكفي فيها ندمٌ وإقلاع وعزم؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 110، 111].
ثالثًا: وأما المعصية المتعلقة بحقوق الغير، فلا بد فيها مع التوبة من التحلل منهم؛ ولذا فتوكلي على الله، واعتذري لزوجة هذا الرجل بأدب وبأقوى عبارات الاعتذار والأسف، وعِديها بألَّا تعودي أبدًا لِما فعلتِ، وأنكِ ستقطعين كل صلة لكِ بزوجها.
رابعًا: وإذا صدقتِ مع الله سبحانه توبة وتضرعًا، فأبشري إن شاء الله ستُقْبَل توبتكِ، وسيستر الله عليكِ، ويمنع عنكِ الفضيحة.
خامسًا: أكْثِري من الأعمال الصالحة؛ لأنها تمحو السيئات، وأعظمها التوبة بصدقٍ، مع الأعمال الأخرى؛ مثل: الصدقات، وتلاوة القرآن، والذكر، والصيام، وغيرها.
سادسًا: تأملي كثيرًا الأحاديث الآتية، واجتهدي في العمل بها:
الأول: عن أبي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادةَ، وأبي عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذِ بْنِ جبلٍ رضيَ اللَّه عنهما، عنْ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ))؛ [رواهُ التِّرْمذيُّ، وقال: حديثٌ حسنٌ].
الثَّاني: عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللَّه عنهمَا، قَالَ: ((كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يوْمًا، فَقال: يَا غُلامُ، إِنِّي أُعلِّمكِ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَل اللَّه، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، واعلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكِ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكِ إِلا بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكِ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكِ إِلا بَشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ))؛ [رواهُ التِّرمذيُّ، وقَالَ: حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ].
وفي رواية غيرِ التِّرْمِذيِّ: ((احفظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يعرِفْكِ في الشِّدةِ، واعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَكِ لَمْ يَكُنْ لِيُصيبَك، وَمَا أَصَابَكِ لمْ يَكُن لِيُخْطِئَكِ، واعْلَمْ أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْب، وأَنَّ مَعَ الْعُسرِ يُسْرًا)).
حفظكِ الله، ورزقكِ التوبة النصوح، وستر عليكِ في الدنيا والآخرة.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.