♦ الملخص:
فتاة خُطبت لشابٍّ منذ سنتين، وقد شعرت بالارتياح بعد صلاة الاستخارة، لكن أقلقها أنه لا يهتم بأن يعرف عنها أي شيء، ويتابع الشواذ على منصات التواصل، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مخطوبة منذ سنتين، خِطبتنا كانت تقليدية؛ فلم يكن أحدنا يعرف الآخر من قبل، هو شاب ذو خلق، متوسط التدين، من عائلة جيدة، صليت الاستخارة مرارًا، وارتاح قلبي، وأشعر أنه الرجل المناسب لي، لكنَّ ثمة أمورًا وتصرفات لحظتها في خطيبي أقلقتني، ولا أدري أهي تصرفات سوية أم لا؛ خطيبي لا يتحدث معي كثيرًا، ولا أقصد أني أريده أن يتحدث معي ليلَ نهارَ، إنما أقصد الحديث للتعرف أو السؤال، وقد كنت في البداية أسأله أسئلة كي أعرف عنه أكثر من قبيل: ما عيوبك؟ ما أهدافك في الحياة؟ ما غرضك من الزواج؟ وغير ذلك من الأسئلة، لكنه لم يكن يطرح عليَّ أي أسئلة، ولما سألته في ذلك، أخبرني أنه يرى أن الأمر الذي يهمه أنني بنت ذات أصل وأخلاق، وغير ذلك من الأمور إنما يأتي بعد الزواج، ومع العشرة، وهذا التصرف من ناحيته جعلني أشعر أن ثمة ما هو أهم مني عنده؛ فأنا أريد أن أعرفه أكثر، وهو لا يبادلني نفس الشيء.
المشكلة الأخرى التي أصابتني بالحزن والأرق أنني لاحظت أن أغلب الذين يتابعهم على مواقع التواصل كالانستجرام من الرجال، ومحتواهم يشي بأنهم من الشواذ، ولم أتمالك نفسي، فسألته في الأمر مرتين؛ في المرة الأولى رد عليَّ بأن مواقع التواصل لا تمثله، إنما هي لقضاء الوقت فقط، وأنه تابعهم عن طريق الخطأ، وفي المرة الثانية غضب مني، وأخبرني أنه لم ينتبه وسوف يحذفهم، لكنه لم يفعل، بل أضاف غيرهم؛ فثارت عندي الشكوك في أنه يهتم بالرجال أكثر، وأنني لا أمثل له شيئًا، ومع أني ما زلت أصلي الاستخارة، وأشعر بالارتياح، فإني لا أدري: هل أنفصل عنه بناء على شكوك أو أحاول التحقق من الأمر؟ وكيف السبيل على ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
١- خطبكِ شاب خلوق ومؤدب ومتوسط التدين.
٢- واستخرتِ فيه عدة مرات وارتحتِ له.
٣- لحظتِ أن خطيبكِ لا يتحدث معكِ كثيرًا.
٤- أرَّقكم كثيرًا ما لحظتموه عليه من دخوله على مواقع الشواذ!
٥- صارحتموه بذلك، فبرره بأنه لتمضية الوقت.
والمرة الثانية قال: إنه لم ينتبه، وسيحذفهم.
فلم يحذفهم، بل أضاف آخرين.
٦- ولما سبق تشكين أنه يهتم بالشواذ أكثر منكِ، وأنكِ لا تعجبينه.
٧- وما زلتِ تصلين الاستخارة، وكلما صليتِها ارتحتِ له.
٨- وقلبكِ حائرٌ جدًّا بين ارتياحكِ له، وبين ما لحظتموه عليه.
ثم تسألين: ماذا تفعلين؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لنعلم جميعًا أن الارتياح في الاستخارة ليس هو كل شيء؛ لأن المستخير بأحد الأمور الآتية:
١- إما أن يستخير ويرتاح ويُقدم، وفي الغالب تكون هذه هي الخيرة.
٢- وإما أن يستخير ولا يرتاح، فينصرف وتكون هذه أيضًا هي الخيرة.
٣- وإما أن يستخير ويرتاح، ولكن يصرفه أي صارف آخر من معلومات تصله، فتصرفه أو يُصرف عنه ما يتمناه، ويرتاح له بصوارف أخرى، فيكون ارتياحه ابتلاء وامتحانًا، وصرفه عما قد ارتاح له أو صرفه عنه هو الخيرة، وليس مجرد الارتياح.
ثانيًا: كلمات دعاء الاستخارة كلمات توحيد عظيمة، يُفوض فيها الأمر لله سبحانه، وليس للهوى ولا للأماني؛ تأملوا كثيرًا في كلمات الاستخارة الآتية تجدوا صدق ذلك: ((اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكِ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكِ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكِ مِنْ فضلِكِ العَظِيم، فإنَّكِ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ - ويُسمِّي حَاجَتَه - خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري - أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ - فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكِ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري - أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الـخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ ارضني بِهِ)).
ثالثًا: ما دام اتضح لكم معلومات أخرى تحمل علامات تعجب واستفهام، يُضاف لها ما قد يؤيدها من انصرافه عنكِ، ومن تبريراته غير المنطقية لأفعاله، فالقلب لا يُمكن قسمته بين اثنين متساويين في المكانة؛ فالأمر هنا فيه ما فيه مما يوجب التردد والتخوف والتثبت.
رابعًا: الشذوذ وكذلك التعلق بعشق الفاسدات إذا تمكنا أو أحدهما من القلب، عصف به، وصرف الرجل عن زوجته، وأصبحت كمًّا مُهملًا لا قيمة لها.
وقد سبق أن اشتكت لي متزوجات من ذلك بشكاوى مُرَّة جدًّا، ومعاناة مؤلمة غاية الألم.
خامسًا: لفت نظري بقاؤكِ مدة طويلة مخطوبة له دون زواج، وهذه أيضًا إن لم يكن لها أسباب وجيهة؛ فهي تحمل ألف تعجب واستفهام.
حفظكِ الله، ودلكِ على ما فيه الخير لكما، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.