خطيبي متزوج

منذ 1 سنة 233

خطيبي متزوج


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/7/2023 ميلادي - 27/12/1444 هجري

الزيارات: 27



السؤال:

الملخص:

فتاة خطيب لابن عمها المغترب في بلد أجنبي وقد حصلت بينهما تجاوزات عبر الكاميرا، أو ما يسمى بالزنا الإلكتروني، وقد أخبرها بعد ذلك أنه متزوِّج هناك، فرفضت الأمر وفسَخت الخطبة وتسأل عن حلٍّ.

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة خُطبتُ لابن عمي - الذي يعيش في أمريكا - مدة سنتين، أخبرني في هذه المدة أنه متزوج من امرأة أخرى منذ ثماني سنوات، في أثناء الخِطبة قمنا بتجاوزات عبر الكاميرا، أو ما يسمى بالزنا الإلكتروني، طلبت منه فسخ الخطبة؛ لأنه متزوج، ولِما كنا نمارسه عبر الكاميرا، دون خوف أو حياء من الله، ولأن مشروع زواجنا منعدِمٌ تقريبًا؛ فالقانون الأمريكي يمنع الزواج بامرأة ثانية، ولأنني لا يمكنني السفر إليه أو لأولادي منه لا قدر الله، ولكل ما سبق رفضته وفسخت الخطبة، سؤالي: هل ما فعلته صواب أو يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أتاكم مَن ترضَون دينه وخلقه، فزوِّجوه ...))؟ وهل عليَّ إثم والحال هاته في فسخ الخطوبة بسبب سوء دينه وأخلاقه معي؟ أخيرًا أحس بالضرر النفسي والعقلي من تبِعات هذه الخطبة، فهل من خطوات لعلاج هذه المرحلة من حياتي، والتوبة، والبدء من جديد؟ فقد تبتُ إلى الله مما فعلته معه، ولم أكرره، وقطعت جميع الوسائل الموصلة إلى ذلك، أريد أن أبدأ حياتي من جديد، وأبحث عن عمل، وأصبر حتى أُرزَقَ بالزوج الصالح التقي النقي، أفيدونا، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فما دمتِ سألتِ أسئلة محددة؛ هي:

١- هل يلحقكِ إثم في فسخكِ الخطوبة من الخاطب المشار إليه، وقد فعلتِ ذلك بسبب سوء دينه وخُلُقه؟

٢- تسألين عن خطوات لعلاجكِ من الضرر النفسي والعقلي الذي لحِقَكِ مما حصل في هذه الخطوبة من منكرات.

٣- وتسألين: هل لكِ توبة مما حصل بينكما من المعاصي، بعد أن تُبتِ وقطعتِ علاقتكِ به نهائيًّا؟

٤- ثم تقولين: إنكِ تريدين بدء صفحة جديدة في حياتكِ، يحفُّها الصبر حتى تُرزَقِي بزوج صالح.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا شكَّ أن ما ذكرتِهِ من شنائعَ حصلت بينكما كلها عصيان لله سبحانه، وتَعَدٍّ على حرماته، دفعكما إليها ضعف الإيمان، وتزيين الشيطان، وفقدانكِ للعاطفة والحنان؛ ولذا فاستمري في التوبة والاستغفار، وفي قطع كل وسيلة اتصال قد توصلكِ بذلك الرجل، وأبشري بالخير ما دمتِ ندمتِ ندمًا شديدًا، وتُبتِ توبة صادقة؛ وتذكري قوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]، وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

ثانيًا: لا يلحقكِ إثمٌ في فسخ الخطوبة لأسباب؛ منها:

أن الخطوبة ليست عقدًا ملزمًا.

ولأن هذا الخاطب تبين سوء دينه وخلقه.

ولأنه مقيم في بلد يصعُب عليه أن يأخذكِ إليه كزوجة ثانية.

ثالثًا: من الأخطاء الشنيعة المنتشرة عند كثير من المسلمين للأسف رفع الكُلْفَة عن الخاطب، والتعامل معه كأنه زوج، وذلك بالخلوة به، والتبرج عنده، والكلام الفاضح معه، في حين أنه من الناحية الشرعية ما زال رجلًا أجنبيًّا لا يجوز له ولا معه شيء من هذه التجاوزات والآثام المُحرمة.

ولأن الخاطب مجرد رجل أعطى كلامًا قد يُغيِّره في أي لحظة، فتبقى التَّبِعات السيئة للتجاوزات الممقوتة معه.

ولأن هذه التجاوزات في حالات كثيرة تُعطي كلًّا من الخاطب والمخطوبة صورة سيئة عن كل منهما، وتُدخِل في قلوبهما الشكَّ والرِّيبة والقلق.

ولأنها محادَّة لله، وفضل الله لا يُؤتَى بالمعصية، بل بالتقوى وحسن الخلق والحياء.

رابعًا: أما جواب سؤالكِ عن العلاج لِما لحقكِ من ضرر نفسي وعقلي بسبب ما وقعتما فيه من منكرات، فالجواب يكون ذلك بالآتي:

١- بصدق التوبة وقطع كل علاقة بالمذكور.

٢- بالإكثار من الدعاء بالثبات، وأن يعيذكِ الله من الفتن.

٣- بالإكثار من الأعمال الصالحة التي تقوِّي الإيمان والطمأنينة، وتكون سببًا لمحو الذنوب السابقة؛ ومنها:

الصلاة؛ فرضها ونفلها.

الإكثار من تلاوة القرآن خاصة، ومن الذكر عمومًا؛ فهو أعظم علاج؛ لقوله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

٤- الصدقة لها آثار عظيمة في كسب الحسنات، وفي المغفرة، وفي إجابة الدعاء.

٥- الاسترجاع مما حصل؛ لأنه مصائب عظيمة.

٦- طلب العلم النافع، فله أثر عظيم في تقوية الإيمان، وخشية الله؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].

٧- ومجالسة الصالحات، وترك الغافلات والفاسقات.

٨- اليقين الجازم بأن الله سبحانه سيقبل توبتكِ، إذا صدقتِ، وسيبدل سيئاتكِ إلى حسنات؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70]، وسيرزقكِ إن شاء الله زوجًا صالحًا تقر به عينكِ؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

خامسًا: أخيرًا أوصيكِ ثلاثَ وصايا مهمة جدًّا؛ هي:

الأولى: لا تذكري ما حصل منكِ سابقًا لأي إنسان، مهما كانت ثقتكِ فيه، ولا حتى زوجكِ المستقبلي، لا تصريحًا ولا تلميحًا، واجعلي ذلك سرًّا يُدفَن معكِ في قبركِ، والسبب أن الشيطان حاضر وشاطر في هذه الأمور، سرعان ما يقذف في قلوب السامعين الشكَّ فيكِ، وسرعان ما يؤزُّهم لنشر ما سمِعوه حتى تبلغ الآفاق، وتُلاك حولها الكذبات المزخرفات، وبعدها لا تسعكِ الأرض بما رحُبت، ويُبغضكِ القاصي والداني.

الثانية: خذي درسًا في عدم الاستعجال في قبول الخاطب، إلا بعد السؤال عن دينه وخلقه، وبعد الاستخارة فيه، ولا تغتري بمعسول الكلام، فكم ممن لسانه عسل وقلبه حنظل مُرٌّ!

الثالثة: لا تقبلي أبدًا برجل يخطبكِ وهو مقيم ببلد بعيد عنكِ، ولا يستطيع أخذكِ معه، مهما زخرف لكِ من الكلام؛ لأن مثل هذا لا تتحقق معه أهداف الزواج المشروعة؛ من سكن ومودة واستعفاف.

حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا، وذرية صالحة، تقر بهما عينكِ.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.