♦ الملخص:
فتاة ثلاثينية تقدم إليها شابٌّ في منتصف الأربعينيات، ذو خلق ودين، في البداية رفضته؛ بسبب فارق السن، لكن عادت ووافقت عليه على تردُّد وحيرة، وهي لا تستطيع أن تتخذ قرارًا في هذا الأمر، جُلُّ الذي يخيفها أن يكون في هذه السن غير قادر من ناحية الجنس والإنجاب، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عزباء في الثلاثين من عمري، تقدم لي شابٌّ عَزَبٌ في منتصف الأربعينيات، تأخر في زواجه؛ لانخراطه في سلك الدراسات العليا (دكتوراة)، يمتاز بصفات شخصية عدة؛ فهو قوي الشخصية، كريم، مُطَّلع مثقَّف، محافظ على صلاته، غيور على محارمه، غير أنني توقفت عند أمرين؛ هما: الفارق العمري، والمكان؛ فهو في مدينة تبعد أربعمائة كيلومتر عن مدينتي، ومع ذلك يمكن غض الطرف عن ذلك بالنسبة إلى صفاته الأخرى، لكني أفكر كثيرًا في العمر، هل من الممكن أن يؤثر عليَّ مستقبلًا من ناحية القدرة الجنسية والإنجاب؟ هل أعطي لنفسي فرصة أخرى غير تلك الفرصة؟ هل أكون ظلمت نفسي لو قبلت بهذا الزواج؟ فأنا لا أعلم الخيار الصحيح والمناسب، وافقت على الرؤية الشرعية، وقابلته فارتحتُ ولم أنفر منه، وكان ردُّ الشاب بالموافقة، لكن إخوتي يريدون مني الرفض وانتظار غيره؛ لأنهم لا يعرفونه، واعتقادًا منهم أنني لديَّ ميزات خُلُقية وخَلْقِيَّة، وأني وصلت لهذا العمر؛ لأنني لم أُرِدْ أن أتزوج قبل أختي، وهو أول شخص يتقدم إليَّ بعد ستة أشهر من زواج أختي، وافقتهم؛ ذلك أن الرجال يعرف بعضهم بعضًا، ونقلوا رفضي له برسالة، لكن أمه طلبت منا التريث والسؤال، وبعد أسبوع تغير رأيي، وتراجعت عن الرفض، ورأيته مناسبًا، ووافقت عليه، لكني وفي أثناء انتظار التحليل، وتحديد موعد العقد، بدأت أفكر كثيرًا في الأمر، أنا لم أوقِّع على العقد حتى الآن، لكني لا أستطيع أن أتخذ قرارًا في هذا الأمر، أتساءل: هل سيكون قادرًا وهو في هذا العمر، أم أنا أبالغ؟ هل إخوتي على حقٍّ؟ هل سأظلم نفسي معه إن تزوجته؟ أحيانًا أقول: يا ليت كلمة (لا) من أي مكان، إلا مني، فأنا لم أستطِعْ قولها، وفي نفس الوقت أنا عاجزة عن الإقدام على هذا الزواج، أرشدوني، جزاكم الله خيرًا، لعلي أجد ما يجعلني اتخذ قرارًا عن قناعة، فأنتم أكثر مني علمًا وخبرةً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن اختيار شريك الحياة من الأمور المهمة التي لا بد أن يوليَها أطراف العلاقة كلَّ اهتمام وعناية؛ ومن هنا فقد يحتار البعض في الاختيار واتخاذ القرار، خاصة إذا كان هناك فرق عمري بين الطرفين، وهناك مَن يوفَّق في اختيار الشخص المناسب للزواج منه، والآخرون قد ينتهي بهم المطاف بالطلاق.
ومن الناحية الشرعية فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها، وهي بنت تسع سنين، وعمره ثلاث وخمسين سنة، وتزوج قبل النبوة من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وهي بنت أربعين، وهو ابن خمس وعشرين سنة؛ وذلك لعقلها ودينها، فبينه وبينها خمس عشرة سنة، وعائشة مع صغرها نالت شرف الزواج من سيد ولد آدم، وكملت في عقلها ودينها، وأصبحت أمًّا للمؤمنين.
فإذا جاء الزوج الصالح، فلا يضر فارق السن بينهما، سواء كانت فوقه أو هو فوقها في السن، إذا حصل التوافق والتراضي.
ومن الصعب تحديد فارق عمر مثالي؛ كون بعض العلاقات تنجح برغم الفارق العمري الكبير بين الأزواج، في حين تفشل زيجات البعض الآخر برغم التقارب العمري بينهما.
ويذكر بعض أهل الخبرة بأن الأنسب بين الزوجين يتراوح بين (3) و(5) سنوات، ويُمكن أن يمتد إلى (10 - 15) سنة فأكثر، ذلك أنه من الأفضل أن ينتمي الزوجان لنفس الجيل.
والزواج عبارة عن شراكة ما بين الطرفين، ويكون باقتناع وقبول وليس بالإجبار، وحتى يكون الزواج ناجحًا، فمن الضروري أن يكون قائمًا على المودة والاحترام والثقة بين الزوجين، والصدق وتحمُّل المسؤولية.
والعاقل هو من يدرك مثل هذه الأمور حتى يقنع بنته وأخته بهذا الشيء، ويكون خير مستشار ومؤتمن على النصيحة والاستشارة، واتخاذ القرار، إن كان وليًّا.