حكم وضع الأصبع في الأذن أثناء الصلاة لتجنب الضوضاء

منذ 2 سنوات 315

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أنعم الله عليَّ بحفظ القرآن، ومن أجل تثبيت هذا الحفظ أقرأ وِرْدي مِن المراجعة في صلاتي؛ وذلك لأني وجدتُ المراجعة أثناء الصلاة تثبت الحفظ.

مشكلتي أني لا أستطيع قراءة الوِرْد اليومي مِن القرآن في صلاتي مع وجود ضوضاء حولي؛ فبيتُنا صغير جدًّا، ولا أملك غرفة خاصة بي، ويدخل إخوتي إلى الغرفة، ويتحدَّثون أثناء صلاتي فيتشتَّت تفكيري!

لذا فأغلق أذنيَّ أثناء مراجعتي خارج الصلاة، أما في الصلاة فقد استخدمت سدادات الأذن، ولكنها لم تنفَع، فهل يُمكنني أن أغلق أذنيَّ بيدي أثناء صلاتي كي أتمكَّن من قراءة الورد اليومي؟ وإذا كان غير جائز غلق الأذنين أثناء تأدية الفرائض، فهل يجوز أن أغلقها أثناء تأدية النوافل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فشكر الله لك حرصَك على حفظ القرآن الكريم، وتعاهدَه خشية النسيان؛ فالشارعُ الكريم حضَّ على درس القرآن وتعاهده حتى لا يقع النسيان الذي لا يكون إلا بترك التعاهُد وكثرة الغفلة، أما مع تلاوته والقيام به في الصلاة فيدوم الحفظ والتذكُّر، وقد روى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكَرَه، وإذا لم يَقُم به نسيَه)).

أما وضع السبابتين في الأذن أثناء الصلاة، فهو إتيان بحركة ليست من جنس حركات الصلاة، وقد نُهينا عن الحركة في الصلاة حتى وإن كانت يسيرة؛ ففي الصحيح من حديث جابر بن سَمُرة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة))، وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن مسعود قال: كنت أسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد عليَّ، فلما رجعنا سلمتُ عليه فلم يردَّ عليَّ، وقال: ((إن في الصلاة لشُغلًا)).

غير أنَّ المتأمل في سنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُدرك أن الحركة في الصلاة جائزة عند الحاجة، أو المصلحة الراجحة؛ كما رواه أحمد وأصحاب السُّنن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر بقتل الأسودين في الصلاة: العقرب والحية"، وصلى وهو حامل أمامة بنت زينب، فإذا ركع وسجد وضعها، وإذا قام حمَلَها، وخلعه للنعل وهو في الصلاة لمَّا أخبره جبريلُ أن بهما خبثًا، وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر ونزوله للسجود وركوعه بعد ذلك، وحديث أمره صلى الله عليه وسلم بدرء المار وإن أفضى إلى المقاتلة، ومشْيُه لفتح الباب لعائشة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق، فجاءت عائشة فمشى حتى فتح لها ثم رجع إلى مقامه، وغير هذا كثير.

ولا شك أن هذه الأحاديثُ وغيرها أخصُّ من حديث جابر وابن مسعود، والخاص يقدَّم على العام كما هو مقرَّر في أصول الفقه، أو يقال: إن دعت الحاجة للحركة جازتْ؛ لأن مناط كل هذه الأحاديث هو الحاجة للحركة.

إذا تقرَّر هذا الأخت الكريمة، تبيَّن أن ما تفعلينه من غلق أذنك بالسبابتين في الصلاة جائز ما دامت الحاجة داعية إليه،، والله أعلم..

  • 0
  • 0
  • 20