السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته استفساري حفظكم الله ما هو المقصود بتسليمة واحدة في صلاة الضحى ( قمت باداء ركعتين و قرات التشهدين بعد الركعة الثانية ثم سلمت على الجانب الايمن تسليمة واحدة و ( لم اسلم على الجانب الاخر كما هو بالفريضة ) فهل المقصود بالتسليمة الواحدة ذلك ام اني مخطئة ؟ جزاكم الله خيراً
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فَقد ذهَبَ عامَّة أهلُ العِلْمِ إلى وجوب التَّسليمة الأُولى فقط، ومنهم الأئمَّة الأربعة، وفي روايةٍ عندَ الحنابِلة أنَّه يَجِبُ التّسليمتان.
والقول الرَّاجح هو عدم وجوب التَّسليمة الثانية سواء في الفريضة أو المندوبة؛ لِما صحَّ عنِ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه اجتزأ بتسليمةٍ واحدة، كما رواه أحمدُ عن عائشة - رضي الله عنها - في صِفة صلاة وِتْر رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قالتْ: "... ثُمَّ يَجلس فيتشهَّد ويدعو، ثُمَّ يُسلّم تسليمةً واحدة: السَّلام عليْكم، يَرفع بها صوتَه حتَّى يوقظَنا".
وكون النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قد تحلَّل من الصَّلاة بتسليمةٍ واحدة يدلّ دلالة واضحة على عدَمِ وجوب التَّسليمة الثَّانية عن اليسار، فلو كان تَحليل الصلاة لا يتمُّ إلا بتَسليمَتَيْنِ اثنتَيْنِ لَما اكتفى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بِالخروج من الصَّلاة بتسليمةٍ واحدة.
قال النَّووي في "المجموع": "مذهبُنا الواجب تسليمةٌ واحدة ولا تَجِبُ الثَّانية، وبه قال جُمهور العُلماء أو كلُّهم، قال ابْنُ المنذر: أجْمع العُلماءُ على أنَّ صلاةَ مَنِ اقتصر على تسليمةٍ واحدة جائزةٌ، وحكى الطَّحاوي والقاضى أبو الطَّيّب وآخَرونَ عنِ الحَسَن بْن صالحٍ أنَّه أوجَبَ التَّسليمَتَيْن جَميعًا، وهي روايةٌ عن أحْمد، وبِهما قال بعضُ أصحاب مالك، والله أعلم".
وقال ابنُ قُدامة في "المغني": "الواجبُ تسليمةٌ واحدةٌ, والثَّانية سُنَّة، قال ابنُ المُنذر: أجْمع كُلُّ مَن أحفَظُ عنْهُ من أهل العِلْمِ , أنَّ صلاةَ منِ اقْتَصر على تسليمةٍ واحدة, جائزةٌ, وقال القاضي: فيه روايةٌ أخرى؛ أنَّ الثَّانية واجبة. وقال: هي أصحّ لحديث جابر بن سَمرة, ولأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يفعلُها ويُداوِم عليْها, ولأنَّها عِبادة لها تَحلّلان, فكانا واجبَيْنِ, كتحلّلي الحج, ولأنَّها إحدى التَّسليمتَيْنِ فكانتْ واجبة كالأولى، والصَّحيح ما ذكرناه، وليس نصُّ أحْمد بصريحٍ بوجوبِ التَّسليمتَيْن, إنَّما قال: التسليمتانِ أصحُّ عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - وحديثُ ابْنِ مَسعودٍ وغيْره أذهبُ إليه، ويَجوزُ أن يذهب إليه في المشروعيّة والاستِحْباب دون الإيجاب كما ذهب إلى ذلك غيرُه, وقد دلَّ عليه قولُه في روايةٍ مِهنا: أعجب إليَّ التسليمتان، ولأنَّ عائشة, وسلمة بن الأكوع, وسهل بن سعد قد رَوَوْا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلَّم - "كان يسلّم تسليمةً واحدة"، وكان المُهاجِرون يُسَلِّمون تَسليمةً واحدةً، ففيما ذَكَرْناه جَمعٌ بين الأخبار وأقوالِ الصَّحابة - رضي الله عنهم - في أن يكونَ المشروع والمسنون تسليمتَيْن, والواجب واحدة, وقد دلَّ على صحَّة هذا الإجْماعُ الذي حكاه ابنُ المنذر فلا معْدل عنه, وفعلُ النَّبيّ - صلَّى اللَّه عليْه وسلَّم - يُحْمَل على المشروعيَّة والسّنَّة; فإنَّ أكثر أفعال النبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الصلاة مسنونةٌ غيرُ واجبة, فلا يمنع حَمل فعلِه لِهذه التَّسليمة على السّنَّة عند قيام الدَّليل عليها, والله أعلم، ولأنَّ التَّسليمة الواحدة يخرجُ بِها من الصَّلاة, فلَمْ يَجِبْ عليه شَيْءٌ آخَر فيها, ولأنَّ هذه صلاة, فتُجْزِئه فيها تسليمةٌ واحدة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.