السؤال:
السلام عليكم أعلم أن الحجاب فرض فوجدت أحد الأشخاص علي التلفاز ينكر أن الحجاب فرض فقالت ابنتي أن هذا الشخص كافر فقلت نحن لا نكفر أحد ما فعله حرام و لكن لا نكفره قد تكون هذه الشخصية أخذت رأي خطأ قالت ابنتي أن الأمر معلوم من الدين بالضرورة جهلها ليس عذرا فأصررت علي عدم تكفيرها جهلا مني بقاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر ها أنا مكلفة بتكفيرها من دون معرفة عذرها و إذا أنا مكلفة فما هو حكمي للعلم أنه إذا كفرها أحد العلماء سأكفرها فورا
الإجابة:
الحمد لله، والصَّلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن وَالاَه، وبعد
فقد أجمع أهل العلم على كفر من أنكر ما علم من دين الإسلام بالضرورة، وقد حكى الإجماع على كفر من جحد معلوماً مجمعاً عليه: القاضي أبو يعلى في المعتمد في أصول الدين، والقاضي عياض، وشيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة من كتبه، والمرداوي في الإنصاف، وغيرهم كثير.
فمن أنكر وجوب الحجاب، أو غيرها مما هو مجمع على وجوبه= فهو كافر لأنه مكذب بالقرآن والسنة.
جاء فتاوى الشيخ ابن باز (27-231): "... و كذا من قال إن الزكاة لا تجب أي جحد وجوبها، أو صيام رمضان جحد وجوبه، فهذا يكفر بذلك؛ لأنه مكذب لله و لرسوله، ومكذب لإجماع المسلمين فيكون كافًرا، ومن شك في كفره فهو كافر بعدما يبين له الدليل، ويوضح له الأمر= يكون كافرًا بذلك؛ لكونه كذب الله ورسوله و كذب إجماع المسلمين". اهـ.
أما من لم يكفر من جاحد وجوب الحجاب فلا يكفر؛ كما نصّ عليه الأئمة حتى يعلم المسألة وتقام عليه الحجة من أهل العلم.
وقد بين هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع ذكر فيها ردة من لم يكفّر من كان كفره ظاهرًا، فقال عن الدروز: "كُفْرُ هَؤُلَاءِ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ؛ بَلْ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ".
وقال أيضًا: "في بيانِ حقيقةِ عقيدةِ وحدةِ الوجودِ، وأنها أشرُ من قولِ النصارى: "فَهَذَا كُلُّهُ كُفْرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِإِجْمَاعِ كُلِّ مُسْلِمٍ ، وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ هَؤُلَاءِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَوْلِهِمْ ، وَمَعْرِفَةِ دِينِ الْإِسْلَامِ ، فَهُوَ كَافِرٌ كَمَنْ يَشُكُّ فِي كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ".
غير أنه حذّر من الاستسهال في التكفير فقال: (12/501): "فليس لأحدٍ أن يُكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلِط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة و من ثبت إيمانه بيقين لم يَزُلْ ذلك عنه بالشك بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة". اهـ.
وقال (35/99): (لكنَّ تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين فإن بعض العلماء قد يتكلم في مسألة باجتهاده فيخطئ فيها فلا يُكفر وإن كان قد يُكفر من قال ذلك القول إذا قامت عليه الحجة المكفرة...)ا.هـ.
وقال الشوكاني في "السيل الجرار" : "اعلم أنَّ الحكمَ على الرجل المسلمِ بخروجه من دين الإسلام ودخولِه في الكفر لا ينبغي لمسلمٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أن يَقْدُمَ عليه إلاَّ ببرهانٍ أوضحَ من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن جماعةٍ من الصحابة أنَّ: مَنْ قَالَ لأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا". اهـ.
ولمزيد فائدة يراجع فتوى: "تحرير مسألة إنكار المعلوم من الدين بالضرورة"،، والله أعلم.