ترك الصلاه والعوده مرات عديده

منذ 1 سنة 233

السؤال:

انا قضيت معظم حياتي بلا صلاة للاسف والحمدلله انتظمت في الصلاة في رمضان ولكن عند انتهاء رمضان بدأت اقطع صلاتي واعود مرات عديده اشعر اني منافق وان الله لن يقبل توبتي بسبب ما افعله ولكن انا واثق ان هذه مجرد وساوس للشيطان سؤالي هنا انا اعرف ان تارك الصلاه كافر فهل يجب علي ان اقول الشهادتين مره اخرى ام لا؟ لان هذا الامر يقلقني خصوصا اني قولتها لكن عندي وسواس قهري يقول لي اني قولتها بطريقه خطأ وهذا الوساس يؤثر علي في صلاتي كثيرا ويجعلني لا اركز وقلبي يتعبني فا اتمنى

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن العودة إلى ترك الصلاة مرة بعد أخرى دليل على أن التوبة من ترك الصلاة مشتملة على خلل؛ لأن الله تعالى جواد كريم شكور، فلا يرد تائب ولا مستغفر، فكل من اجتهد في وتاب توبة صادقة فالله تعالى يقبل توبته، ويغفِر ذنبه، وكلما عاد إلى ترك الصلاة أسرع بالتوبة؛ لأن الله سبحانه رؤوف رحيم ورحمته تسبق غضبه، ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره لكل من تاب، وعلى قدر صدق الإنسان في التوبة يكون الثبات عليها؛ لأن التوبة من شعب الإيمان، والقلب إذا باشر حقيقة الإيمان لم يتركه، وإذا خالطت بشاشته الإيمان القلوب لم يسخطه أبدًا.

 :(16/ 58) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "جموع الفتاوى"

"فالتوبة النصوح هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك كائنة فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح وهي واجبة بما أمر الله تعالى.

ولو تاب العبد ثم عاد إلى الذنب قبل الله توبته الأولى ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب تاب الله عليه أيضا، ولا يجوز للمسلم إذا تاب ثم عاد أن يُصرَّ؛ بل يتوب ولو عاد في اليوم مائة مرة؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله يحب العبد المفتن التواب"، وفي حديث آخر: "لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع استغفار"، وفي حديث آخر: "ما أصر من استغفر ولو عاد في اليوم مائة مرة". اهـ.

هذا؛ ومن وسائل تحقيق الثبات على إقامة الاصلاة والمسارعة دائمًا بالتوبة الصادقة، والعزم الأكيد على عدم العود، وتقطع النفس بالندم على ما فات، وأخْذ النفس بالشِّدَّة وعدم التَّهاون، ومجاهدة النفس في ذات الله تعالى، واستفراغ الطاقة والوسع في مخالفة النفس والشيطان؛ وقد وعد الله بالعون على ذلك؛ فقال سبحانه وتعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت: 69]، مع صدق اللجوء إلى الله تعالى بطلب الهداية والعون على طاعته؛ فإنّ الله تعالى إذا هَدى العبد إلى الصراط أَعانَه على طاعته وترْك معصيته، فلم يُصِبْه شرٌّ لا في الدنيا ولا في الآخرة؛ ولهذا كان دعاء: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6 - 7]، أنفَع الدعاء وأعظمه وأحكمه؛ لأن الذنوب من لوازم النفس البشرية، والإنسان محتاج إلى الهدى كلَّ لحظة أكثر من حاجته إلى الطعام والشرب؛ ومن ثمّ أمَر بهذا الدعاء في كلِّ صلاة لفرط الحاجة إليه، حتى يحصل له الخير ويدفع عنه الشر.

وكذلك قراءة القرآن العظيم بتدبُّر؛ فالله - تعالى - يقول: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]، وقال: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27].

قال الإمام ابن القيم في كتابه "زاد المعاد"(3/ 5) وهو يبين شدة حاجة العبد لجهاد النفس:

"وأمرهم أن يجاهدوا فيه حق جهاده، كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته، وكما أن حق تقاته أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، فحق جهاده أن يجاهد العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله، فيكون كله لله وبالله لا لنفسه ولا بنفسه، ويجاهد شيطانه بتكذيب وعده، ومعصية أمره، وارتكاب نهيه، فإنه يعد الأماني ويمني الغرور، ويعد الفقر ويأمر بالفحشاء، وينهى عن التقى والهدى والعفة والصبر، وأخلاق الإيمان كلها، فجاهده بتكذيب وعده، ومعصية أمره، فينشأ له من هذين الجهادين قوة وسلطان، وعدة يجاهد بها أعداء الله في الخارج بقلبه ولسانه ويده وماله؛ لتكون كلمة الله هي العليا". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فالتوبة من ترك الصلاة تكون بالإقلاع عن الترك، مع الندم، والعزم على عدم العودة، مع النطق بالشهادتين،، والله أعلم.

  • 0
  • 0
  • 2