تركته بعد أن وقعت بيننا تجاوزات

منذ 1 سنة 233

تركته بعد أن وقعت بيننا تجاوزات


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/7/2023 ميلادي - 12/1/1445 هجري

الزيارات: 30



السؤال:

الملخص:

فتاة دخلت في علاقة غير شرعية مع شابٍّ، ووقعت بينهما تجاوزات، ثم إنه خطبها، لكن علاقتهما صار ملؤها الشجار، وأصبح يسبها ويسب أهلها؛ فكرهته وتريد الابتعاد عنه، وتسأل: هل قرارها صحيح، حتى بعد وقوع التجاوزات بينهما؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا فتاة وقعت في ذنوبٍ كثيرة مع شابٍّ أحبني، نادمة على كل ما فعلته، وفكرت في الانتحار؛ ليرتاح العالم مني، أحس بالنفاق والخيانة لديني وأهلي وشرفي وتربيتي، أحتقر نفسي لأن الشهوة غلبتني، وجعلتني أرتكب ما ارتكبتُه، ووالله لقد بدأ الأمر من ناحيته؛ فقد أصرَّ أولًا بأن نختليَ؛ إذ قال لي ذات مرة إنه لن يحزن لأن أخته قد اختلت بأحدهم بعيدًا عن أنظار الناس، بقدر ما سيحزن إن رأى الناس أخته وهي تمشي معه؛ أي وكأنه حفِظها بأن اختلى بها بعيدًا عن الكل، لا أنكر سوئي، فلو لم أكن، لَما وافقت، ولكني كنت ضعيفة، أحببته؛ فهو شخص متدين، وقد تشمئزون إن قلتُ لكم: إننا كنا أحيانًا نصلي عندما نختلي، ربما كانت حيلة من الشيطان أو من أنفسنا؛ لنرى أننا على حقٍّ، وأن الله لن يغضب علينا؛ لأننا نصلي أيضًا، وقعت التجاوزات بيننا، ولكن - والحمد لله تعالى - لم يحصل زنا حقيقي، قد أبدو وقحة فيما أقول، لكن لم أجد من أحكي له تفاصيل ما حدث، أرى فيكم الناصحين لي بحول الله تعالى، المهم بعد عدة مشاكل بيننا أصبحت أكرهه؛ فقد اتهمني كثيرًا بالباطل وسبَّني وشتمني، وبات يشكُّ فيَّ، بكيت مرارًا من كلامه، وأحسست بالاختناق من ضغطه عليَّ، وأصبحت قادرة على التخلي عنه؛ بسبب كرهي له ومعاملته وكلامه، أحيانًا أحسه أفضلَ إنسان على وجه الأرض، وأحيانًا أحسه أسوأ مَن فيها، كان يلومني لأنني لا أتصل به، ولا أهتم به، وقد أكون مخطئة في هذا، حتى بعد خِطبته لي؛ ولهذا غالبًا ما نتشاجر، فيسبني، ويسب أهلي أحيانًا؛ ولذا قررت الابتعاد الكلي عنه؛ فقد صارت حالنا شجارًا ثم صلحًا، وهكذا دواليك؛ لهذا سئمت وقررت الرحيل، ولكني خائفة ألَّا يرضى الله تعالى هذا مني؛ فلأنني أخطأت معه، كان يجب عليَّ قبول الزواج به لإصلاح ما فعلناه من تجاوزات محرمة، حتى لو اتهمني وأهانني، فهل يجب أن أعتذر إليه، وأعود؛ ليتزوجني لنصلح ما فعلناه، ونُرضيَ الله، ثم أتطلق منه؛ لأنني بصراحة كرهتُه، ولن أستطيع أن أطيعه كزوجة، أو أن أعِفَّه، أو حتى أن أرى وجهه، أم أن رحيلي - بعد تجاوزاتنا - صحيح؟ أنا حزينة ومحتقرة لنفسي، وأريد ألَّا أتزوج؛ لأخدم والديَّ؛ كي يغفر الله تعالى لي، حتى إنني أخجل أن أدعو الله بأن يرزقني زوجًا صالحًا بعد كل ما فعلته، انصحوني، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة على رسول الله؛ أما بعد:

فموضوعكِ واضح جدًّا، وسأختصر لكِ الجواب في الآتي:

أولًا: لا شك أن ما حصل بينكما فتنة زينها الشيطان لكما، فعليكما التوبة النصوح، وكثرة الاستغفار، والإكثار من الأعمال الصالحة من صلاة وصدقة وتلاوة؛ لعل الله أن يغفر لكما.

ثانيًا: من وصفكِ لما حصل بينكما ومن تهوينه للمعاصي عندكِ، ومن سبِّه وشتمه لكِ، أقول لكِ بملء فمي: هذا رجل سوء، ولا يصلح زوجًا لكِ أبدًا، ولا شيء عليكِ مطلقًا في تركه، بل يجب عليكِ الابتعاد عنه نهائيًّا، ونسيانه تمامًا، وإلغاء رقم جواله، وأي وسيلة توصل إليه، وغيِّري رقم جوالكِ؛ لأن هذا الرجل ليس محبًّا صادقًا، ولا زوجًا صالحًا، ولا يُؤمَل منه الخير.

ثالثًا: تفكيركِ في الزواج منه لإصلاح ما حصل بينكما، ثم تتطلقين منه؛ لأنكِ لا تطيقينه - تفكير سطحي عجيب جدًّا، وممقوت، ولا يليق بامرأة عاقلة التفكيرُ فيه، بل هو من وساوس الشيطان، فهل الزواج أمر تافه إلى هذه الدرجة من التفكير الساذج؟!

رابعًا: أما قولكِ: إنكِ حزينة، وتحتقرين نفسكِ؛ فالحزن والندم على المعصية مطلوب، وإن كان هذا الندم صحيحًا، فلا بد أن يثمر توبة صادقة من مثل هذه التصرفات المشينة المحرمة، وإذا تبت بصدقٍ، فلا داعي لاحتقار نفسكِ، اكتفي بالآتي:

الندم.

والإقلاع.

والعزم.

وكثرة الاستغفار.

وبعدها أبْشِرِي بقوله سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

وبقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وقوله سبحانه: ﴿ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 70].

خامسًا: أما قولكِ إنكِ لا تريدين الزواج لتخدمي والديك، فهو كلام غير سليم، وربما أنه ناتج عن إحساسكِ الشديد بعد ما فعلتِهِ بأنكِ لا تصلحين زوجة صالحة، وهذا خطأ؛ فالزواج سنة إلهية ونبوية، والحاجة له فطرة بشرية للاستعفاف والإنجاب.

سادسًا: أنتِ بعدما حصل لكِ تحتاجين للزواج أكثر من غيركِ، والفتنة عليكِ بتركه أخطر من غيركِ؛ فاحذري من رد الخاطب المناسب لكيلا تندمي ولاتَ حين مندم، ففي الزواج سكن ومودة، ورحمة واستعفاف؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا، وأعاذكِ من الفتن.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.