اضطراب الهوية الجنسية

منذ 8 ساعة 15

اضطراب الهوية الجنسية


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/3/2025 ميلادي - 15/9/1446 هجري

الزيارات: 15


السؤال:

الملخص:

شاب يعاني من مرض اضطراب الهوية الجنسية، فيشعر بأنه أنثى لا ذَكَر، ويميل للرجال، وقد صاحب ذلك اضطرابات كثيرة من القلق والتوتر، والنبذ الاجتماعي، والتعرض للتنمر، إضافة إلى البيئة الأسرية غير المستقرة التي يعيش فيها من أبيه وأخيه، ولا يعلم بهذا الأمر غير أمه، ويسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا شاب أعاني من مرض اضطراب الهوية الجنسية، فمنذ الصغر أشعر أنني لا أمت للذكور بصلة، وأنني عقل أنثى في جسد رجل، عانيت منذ صغري من النبذ والرفض الاجتماعي، والتنمر من الأقارب والجيران والإخوة، وأقرب الناس، وزملاء الدراسة والعمل، عانيت كثيرًا من تبِعات المرض؛ من اضطرابات القلق المفرط، والتوتر، والوسواس الديني، ونتف الشعر، والرعشة، وتعرق اليدين الذي أدى إلى التأثير على بعض مهاراتي العملية في عملي، وأُصبتُ بالفصام، وأتناول علاجًا له حتى الآن، أعاني أيضًا من إدمان الإباحية، والاستمناء، والتعلق العاطفي بالرجال الذين بالطبع لن يبادلوني نفس الشعور، والشخصية الاعتمادية؛ فأنا أجد صعوبة في قضاء أيسر مهام الحياة اليومية، وشخصيتي سلبية وضعيفة، ومصاب بداء إرضاء الجميع، وأحاول تعويض عيوبي بالاجتهاد العملي والديني؛ مما عرَّضني للغَيرة من زملاء العمل الذين يدركون ضعف شخصيتي، وأتعرض بسبب ذلك للاستغلال منهم، وتحميلي أعمالًا إضافية فوق أعمالي، وتعريضي لأخطاء ومجازفات، أيضًا يعرضني للمؤامرات والفخاخ والمكائد والوشاية بي، أما مشكلتي الكبرى، فتكمن في أبي وأخي؛ فأخي مدمن مخدرات، ويمارس البلطجة والاختلاس، والنصب والسرقة والزنا، وقد حاول ممارسة النصب عليَّ وتعريضي لمجازفة كبيرة من قبل، أما أبي فهو رجل غليظ القلب، ربَّانا على القسوة، ويكرهنا ويكره أمي، عديم المسؤولية، لا همَّ له إلا ملذاته والسجائر، رغم أنه لا يتكاسل عن الفروض، ومع كونه ميسورًا، فإنه لم يساعدني أنا أو أخي، وتخلى عنا، نعم ساعدنا بشكل جزئي، لكن دائمًا يعيِّرنا بذلك، ويدعو دائمًا علينا، وأقسم أن لديَّ قرائنَ قوية، رأيتها بعيني تثبت أنه يقوم بأعمال سحر ضدي، ماذا أفعل؟ خاصة أنني أخبرت أمي بمرضي، وهي الوحيدة التي تعلم به، ولا تصدقني، وتظن أنها هلاوس، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فمشكلتك متشعبة الأطراف، ولها أسباب عديدة، وعلاجات عديدة، منها الطبي والشرعي؛ أما الطبي، فليس من اختصاصي، لذا لا بد من عرض نفسك على طبيب نفسي حاذق، وربما تحتاج طبيبًا مختصًّا في الأجهزة التناسلية.

وأما العلاجات الشرعية، فأبدأ أولًا بتلخيص مشكلتك، ثم الحلول الشرعية المختصرة لها، فأقول: تبدو من مشكلتك الملامح التالية:

1- يبدو واضحًا أنك مصاب بمرض نفسي قديم، وكذلك ما أسميته باضطراب الهوية الجنسية.

2- زدت الطين بِلَّة بمشاهدة الإباحيات المحرمة؛ فأشعلت نار الشهوة الجنسية، وربما الشذوذ.

3- ما تعانيه من ضعف وتنمُّر عليك ومضايقات، قد يكون من آثار بعض ما لحظه عليك الغير من ضعف واضطراب سلوكي.

4- وزاد من سوء وضعك حسب تعبيرك سوءُ تعامل والدك معك وتصرفات أخيك غير السوية.

5- تقول: إنه ثبت لك أن والدك يحاول عمل سحر لك.

6- أخبرت أمك ولم تصدق، وتظنك تُعاني من هلاوس.

ثم تسأل عن التوجيه، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: أعظم ما تُعالج به نفسك هو العلاجات الشرعية التالية:

الدعاء وهو أعظمها، فأكْثِرْ منه، مع قوة الثقة بالله سبحانه وبقدرته على الشفاء من جميع الأمراض، وكرِّر الدعاء كثيرًا كثيرًا، بدون أي يأس أو قنوط؛ ومما يعينك على ذلك تذكر قوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنعام: 17]، وقوله عز وجل: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

2- الإكثار من الاستغفار؛ فقد جعله الله سببًا للتفريج والرزق؛ كما قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

3- الإكثار من الاسترجاع؛ لأنك مصاب بمصائب عظيمة؛ قال سبحانه: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

4- الصدقة ولو بالقليل.

5- مجاهدة النفس على التخلص من الأفكار الشاذة والرديئة، وطردها، وعدم الاستسلام لها؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69].

6- هجر مشاهدة المقاطع الإباحية؛ طاعة لله سبحانه الذي قال: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، والذي قال: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، فلم يقل سبحانه: ولا تفعلوا الزنا، وإنما قال: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا ﴾؛ ليعم النهيُ الزنا وكل ما قد يقرِّب إليه من نظر وخلوة وغيرهما.

7- لازم المحافظة على الصلاة في أوقاتها، وكذلك الإكثار من تلاوة القرآن، وكذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، ودخول المنزل والخروج منه، وأذكار النوم؛ فهي مجتمعة مَغنمٌ عظيم، وأسوار فولاذية ضد شرور الأشرار من شياطين الإنس والجن؛ فالله سبحانه جعل الصلاة الصحيحة ناهية عن الآثام؛ كما قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

8- ارقِ نفسك بالرقية الشرعية.

ثانيًا: جاهِدْ نفسك على عدم الالتفات لانتقاص الناس لك؛ فإن الالتفات له يزيدك همًّا وغمًّا، دون أي نتيجة إيجابية.

ثالثًا: تأكد أن أهلك والناس إذا لمسوا منك التغيرات السوية، فسيحترمونك كثيرًا، بل الله سبحانه سيصرف عنك أذى كل مَن به أذًى، وسيدفع عنك الشرور؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

رابعًا: بالنسبة لوالدك، ادْعُ الله له كثيرًا بالهداية، وبصرف أذاه، ويجب مناصحته من قِبل عقلاء العائلة، ومع ذلك كله استمرَّ في بره والإحسان إليه؛ لأن بره ليس مكافأة، بل واجبًا شرعيًّا عظيمًا، ولو كان مشركًا، فكيف بالمسلم؟ كما قال عز وجل: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].

خامسًا: إن ثبت لك يقينًا - وليس مجرد أوهام - بأن والدك يقوم فعلًا بالسحر، أو يتعامل مع السحرة؛ للإضرار بك أو بغيرك، فيجب تذكيره بخطورة التعامل بالسحر ومع السحرة، ولعل من الأنسب أن يُذكَّر من غيرك؛ لأنه في الغالب لن يقبل منك؛ وذلك بالأدلة الشرعية:

قال الشيخ ابن باز رحمه الله: إذا علم أنه ساحر فهو مشرك، عقوبته القتل في الدنيا، وفي الآخرة النار إذا مات على سحره ولم يَتُبْ؛ يقول الله جل وعلا: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ﴾ [البقرة: 102]، فدلَّ على أن السحر كفر.

فالواجب على من يتعاطاه التوبة إلى الله، فإن مات على سحره، صار كافرًا من أهل النار؛ لأن السحر من آثار دعاء الشياطين، والاستغاثة بالشياطين، واللجأ إليهم، فهو كفر؛ لِما يترتب عليه من دعاء الجن، والاستغاثة بالجن والعياذ بالله، هذا هو الواجب من جهة الآخرة.

أما من جهة الدنيا، فالواجب على ولاة الأمور إذا عرفوا الساحر أن يُقتَل حدًّا الساحر يُضرب بالسيف؛ أمر عمر بقتل السحرة، أمر عماله في الشام أن يقتلوا السحرة، وحفصة كان عندها جارية سحرتها فقتلتها، الساحر يُقتَل في الدنيا، وإذا مات على سحره، مات كافرًا، نسأل الله العافية".

سادسًا: أما شرب الوالد للدخان (السجاير)، فهو تعاطٍ لأمرٍ محرم، وليس مجرد أمر مكروه كما يعتقد كثير من الناس، وله أضرار خطيرة على الصحة منها الإصابة بسرطاني الحنجرة والرئة.

ولي مقالة هنا في شبكة الألوكة بعنوان: (حوار طريف بين داعية ومُحْرِمٍ مدخن في ميقات السيل)؛ لعل الوالد حفظه الله يطلع عليها؛ ففيها مزيد توضيح لخطورة شرب الدخان دينيًّا وصحيًّا.

حفظك الله، وجمع لك بين الأجر والعافية، وهدى الوالد، ووفقه لكل خير.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.