أهلي لا يوافقون عليها

منذ 1 سنة 233

أهلي لا يوافقون عليها


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2023 ميلادي - 19/9/1444 هجري

الزيارات: 29



السؤال:

الملخص:

شاب في كلية الطب أحبتْه فتاة، ووعدها بالزواج، دون أن يكِنَّ لها أي مشاعرَ، ثم إنه أحبَّها، وطلب من أهله خِطبتها، لكنهم رفضوا ذلك لكونها طبيبة، فلن تصلح أن تكون ربةَ منزل، فقطع علاقته بها، وهو يسأل: هل ما فعله حرام؟

التفاصيل:

أنا طالب في كلية الطب، وفي الكلية عرفت فتاة ذات أدبٍ وخُلُقٍ، استمرت صداقتنا سنة، وفي يوم من الأيام صرَّحت لي بإعجابها بي، فقلت لها: سأتقدم إليكِ بعد الجامعة، دون أن يكون لديَّ أيُّ مشاعرٍ تُجاهها، ولا أدري لِمَ قلت ذلك، وقد كانت على علمٍ بحقيقة مشاعري تلك، فقد أخبرتها يومًا بها، ثم بعد مرور أشهر بدأت أحب الفتاة، فتحدثت مع أهلي لأخْطُبَها، لكنهم رفضوا رفضًا قاطعًا؛ لأن الفتاة طبيبة، وليس لديها وقت لتعينني على بيتي وأطفالي، وقالوا لي: اختيارك خاطئ، وقد اقتنعت بذلك، فأخبرت الفتاة بما كان، فلم تتقبل الأمر، ورأيتها مكسورة، فلم أستطع تركها على تلك الحال، فرجعت إليها، ومضى على ذلك أشهرٌ، قلبي يؤلمني لأنني لا أعرف ما نهاية علاقتنا؛ أخشى ما أخشاه أن تبقى معي كل هذه السنين ثم لا يقبل بها أهلي، وأخشى على مستواي الدراسي، فقد انخفضت درجاتي كثيرًا، ومن ثَمَّ حدثتها في موضوع إنهاء علاقتنا، وأنها علاقة محرَّمة ولا تجوز، فما كان ردَّها إلا أن قالت: "الله موجود، وأنا لا أسامحك على ما فعلت"، وهي الآن مكسورة بسببي، وقلبي يتألم حين أراها هكذا، فهل قرار ابتعادي عنها حرام؟ وهل سيردُّ الله عز وجل أفعالي عليَّ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتك هو:

1- أحببتَ طالبة معك في كلية الطب، وأصبحت صديقتك.

2- قلت لها: إنك تريد الزواج منها، مع أنك لم تَكُن تُكِنُّ لها أي مشاعر، وهذه عجيبة جدًّا، إذًا لماذا تُصادقها، وتعِدُها بالزواج؟!

3- أهلك رفضوا زواجك منها، لأسباب يرونها وجيهة، واقتنعت برأيهم، فصارحتها بذلك، ولم تتقبل.

4- فلما رأيتها مكسورة الخاطر، رجعت لمصادقتها، وأنت خائف على مستقبلك.

5- وأخبرتها بأن عليكما إنهاء العلاقة بينكما؛ لكونها خطأ وعلاقة محرمة، ولأنها تسبَّبت في هبوط مستواك الدراسي، لكنها قالت لك: الله موجود وإنها لا تسامحك.

6- وتقول: إن قلبك يتألم حين تراها مكسورة الخاطر، وتسأل: هل قرار ابتعادك عنها حرام؟ وهل سيعيد الله فَعلتك عليك؟ والعجيب أنك لم تسأل: هل كل ما فعلتماه من علاقات صداقة وما تبعها من تجاوزات شرعية كثيرة، هل هي حرام؟ وهل سيؤاخذكما الله عليها أم لا؟

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: مصادقتك لفتاة أجنبية عنك، وما تبِعها من تجاوزات شرعية كثيرة من خَلوة وإطلاق نظر، وتغنُّج وكلمات عاطفية، كلُّ ذلك محرم عليكما معًا، ولا يجوز لكما، وعليكما التوبة الصادقة، لعل الله أن يتوب عليكما، والله سبحانه شرع حدودًا في العلاقة بين الرجال والنساء لا يجوز تجاوزها أبدًا، مهما كانت المبررات؛ فقد قال سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

وقال عز وجل: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 30، 31].

وقال عز وجل: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، ولم يقل: ولا تفعلوا الزنا، ليعم النهي الزنا وكل ما قد يقرب إليه من نظر وخلوة وتبرُّج وتغنُّج في الكلام.

ثانيًا: عُدُولك عن الزواج منها بعد نصيحة أهلك لك هو من حرياتك الشخصية، ولست ملزمًا بالزواج منها، ولا يلحقك أيُّ إثم بتركها.

ثالثًا: يبدو واضحًا أن علاقتك بها ليست علاقة حبٍّ حقيقي؛ لأنها مبنية على عواطف مراهقة، وعلى إعجاب وقتي بالجمال، وشيء من الأخلاق.

رابعًا: تردُّداتك الكثيرة فيها تثبت أن حبَّكما كان حبَّ مراهقة؛ للتنفيس عن العواطف المكبوتة.

خامسًا: الحب الحقيقي الصادق إنما ينشأ ويترعرع بعد الزواج لا قبله.

سادسًا: تردِّي مستواك الدراسي نتيجة طبيعية لِما اقترفتماه من منكرات، ولتشتُّت ذهنك في حب وَهميٍّ شَغَلَك عن تحصيلك العلمي، بل ربما عن الأهم، وهو عبادتك لله سبحانه.

والخلاصة أنه لا إثم عليك، ولن يُعاقبك الله؛ لأنك لم تظلم.

حفِظك الله، ورزَقك زوجة صالحة تَقَرُّ بها عينُك، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.