♦ الملخص:
شاب أعجبتْه جارتُه، ويريد خِطبتها، لكنه يخشى رفضًا من أهلها - الذين تربطه بهم علاقة صداقة قوية - بسبب وضعه المادي، ويرى أنه إذا تَمَّ رفضه، فسيشعر بالقهر والذل، ويسأل: ما الحل؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
أنا شاب في العشرين من عمري، أريد خِطبة جارة لي، لكني أخشى أن يرفضني أهلها؛ بسبب وضعي المادي، فأنا لم أكمل دراستي، وهي كذلك، وكبريائي وكرامتي لا يسمحان لي أن يتم رفضي، وقد أشعر بالذل والقهر، كما تربطني بأخيها وأعمامها علاقة صداقة قوية، وجيرة طويلة، واحترام متبادل، وقد أعجبتني الفتاة منذ مدة، ولم يربطني بها أيُّ نوع من التواصل، وأريد أن أخطبها وآتي البيت من بابه؛ لتكون شريكة حياتي، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك هو:
١- تريد خطبة بنت الجيران، ولكنك متردد لأسبابٍ؛ منها:
وضعك المادي الحالي لا يسمح لك بمتطلبات الزواج.
كونك أنت وهي ما زلتما طلابًا في الجامعة.
خوفك من رفض أهلها لك للأسباب السابقة.
2- تقول: إن كبرياءك وكرامتك لا يسمحان لك أن تقبل رفضَ مَن تتقدم للزواج من ابنتهم، وقد تُحس بالذلِّ والقهر.
3- تربطك بأخيها وأعمامها علاقةُ ودٍّ واحترام وتقدير.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: اعلم - حفظك الله - علمًا جازمًا لا شك فيه أن الزوجة التي كتبها الله لك لن يمنعك منها أيُّ إنسان، مهما كان؛ لقوله سبحانه: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
وهذا العلم اليقيني من فوائده طردُ القلق عنك، وطرد الخوف من البشر نهائيًّا، ومن فوائده أيضًا تقوية جانب التوكل على الله سبحانه، والرضا بالقضاء والقدر، وكلها فوائد جمَّة تُريح القلب، وتُزيل عنه الهموم والمخاوف.
ثانيًا: أنصحك إن كنت وجدتها فعلًا مناسبة لك، فلا تعتمد على ما في قلبك من ارتياح فقط، بل استخِرِ الله كثيرًا؛ فهو سبحانه الذي يعلم أين مكمن الخير لك: هل هو في هذه الفتاة أم في غيرها؟ لقوله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
ثالثًا: فإذا استخرتَ، فاعزم وتوكَّلْ على الله سبحانه، وتقدَّم؛ قال سبحانه: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159].
رابعًا: فإذا تقدمت لخِطبتها ووافقوا، فهذه هي الخيرة إن شاء الله، وإن رفضوا، فهذه أيضًا هي الخيرة، فلا تقلق، ولا تغضب، فلن يردُّوك إلا إنْ كان الله سبحانه لم يكتبها لك، أو كان في زواجك منها شرٌّ لأحدكما.
خامسًا: قولك: تخشى إن ردُّوك أن يؤثر ذلك على كبريائك.
كل هذا الكلام لا يقول به مؤمنٌ يؤمن بالقدر، وأنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله، وبإمكانك - تلافيًا لِما تخشاه من سلبيات - أن تجعل الخطبة سرية تمامًا بينك وبينهم، حتى تتم الموافقة التامة أو الرد، وبقية الناس لا يعلمون بما حصل بينكم.
سادسًا: لا تنسَ أهمَّ شيء؛ وهو كثرة الدعاء بأن ييسر الله لكما ما فيه الخير والصلاح، أيًّا كان؛ فالرزاق هو الله وحده وليس الناس؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58].
حفظك الله، ووفقك لكل خير.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.