استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 30/3/2024 ميلادي - 20/9/1445 هجري
الزيارات: 16
♦ الملخص:
فتاة أحبت أحد المشايخ على يوتيوب، وصارحته بحبها، لكنه ردها ردًّا لطيفًا، ثم بعد مدة عاد وراسلها بتلميحات جنسية، فذكرت الأمر لأمِّها، التي كلمته بدورها ووبَّخته، فاعتذر منها بأن الرسائل لم تكن منه، إنما أرسلها أحد الذين يعملون معه، مستغلًّا رسائلها السابقة، والفتاة لا تستطيع له نسيانًا، وتسأل: كيف تنساه؟
♦ التفاصيل:
كنت شديدة التعلق بأحد المشايخ الذين كنت أتابعهم على اليوتيوب، برغم كونه متزوجًا، وعلمي أن حبي له لا يجدي نفعًا، قررت ذات يوم أن أخبره بذلك، وأن أصارحه بعد مُضِيِّ سنة ونصف على هذا التعلق، كنت حينها في حالة نفسية سيئة بسبب أمر يتعلق بهذا الموضوع، أخبرته بحبي له، ويا ليتني لم أفعل، أخبرني بأنه متزوج، وأنه يراني كابنته، قدَّرت وضعه فتناسيتُه وخفَّ تعلقي به، بعد مُضِيِّ ثلاثة أشهر على هذا الأمر، اتصل بي ذات مرة، وتعلل بأن من حقه أن يعرف الفتاة التي أحبتْهُ، وكانت له تصريحات وتلميحات جنسية أستحيي من ذكرها، أخبرت أمي بما جرى، فتواصلت معه عبر هاتفي ووبَّخته بشدة، قام بإنكار الموضوع تمامًا، وادَّعى بأن أحدَ الذي يعملون لديه هو الذي كان يكلمني عبر هاتفه، وأنه استغل الرسائل السابقة التي أرسلتها أول مرة، لا أعلم إن كان صادقًا أو كاذبًا في ادعائه؛ لأن التواصل كان عبر الرسائل النصية، ولا يوجد ما يثبت إن كان هو بنفسه الذي تواصل معي أو غيره، مَرَّ على هذه الحادثة نحو ثمانية أشهر، وأنا لا أستطيع نسيانه، رجاء ساعدوني حتى أنساه ولا أعود لذكره أبدًا، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
1- مشكلتكِ عجيبة جدًّا؛ حيث تعلقتِ برجل بمجرد سماع كلامه الجميل.
2- يبدو واضحًا الدور الكبير للفراغ العاطفي الذي تعيشين فيه؛ حيث نتج عنه التعلق بأي شيء، ولو كان وهمًا؛ وذلك للتفريغ والتنفيس عن الشحن العاطفي المكبوت لديكِ.
3- أخطأتِ في مفاتحتكِ للأستاذ بمحبتكِ له، وفتنتِهِ بكِ؛ ولذا اتصل بكِ بعد مدة بكلام غير لائق، وهذا الكلام البذيء نتج من ضعف إيمانه، ومن فتنته بكِ.
4- وعندما اتصلت به أمكِ لتوبخه ادعى أن شخصًا آخر غيره أخذ جواله، واتصل بكِ، وهذا بعيد جدًّا، بل مجرد ادعاء للهروب من ورطته.
5- ومن الأعجب أن تقولي إنكِ بعد هذا كله ما زلتِ متعلقةً به، ولا تستطيعين نسيانه.
ثم تطلبين المساعدة، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لا شكَّ أنكِ مفتونة بهذا الرجل فتنة عمياء، وقد أوقعتِهِ أيضًا في الفتنة بكِ؛ ولذا فلا بد أن تتوبي وتستغفري من هذه الفتنة، وألَّا تتمادَي فيها؛ حتى تقع الفأس في الرأس بالزنا، والعياذ بالله.
ثانيًا: من تمام توبتكِ وصدقها أن تلغي رقم جواله، وأي وسيلة اتصال توصله بكِ، أو توصلكِ به.
ثالثًا: احذري أشد الحذر من انطباق الحديث الآتي عليكِ؛ وهو: قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعرض الفتن على القلوب كالحصير عودًا عودًا، فأي قلب أُشْرِبها، نُكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها، نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصير على قلبين؛ على أبيضَ مثلِ الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِب من هواه))؛ [مسلم].
رابعًا: مما يعينكِ على تقوية إيمانكِ لصد الفتن عن قلبكِ: إشغال فراغكِ بالإكثار من الصلاة، وتلاوة القرآن، والذكر، وطلب العلم النافع، ومجالسة الصالحات؛ لأنه من أسباب فتنتكِ ضعف إيمانكِ، والفراغ العاطفي، وهدر أوقاتكِ في مواقع التواصل.
خامسًا: رجل تكلم معكِ بكلام جنسي قبيح لا يستحق الثقة فيه، ولا يصلح زوجًا صالحًا لكِ، بل هو مفتون بكِ فقط.
سادسًا: مما يساعدكِ على الانصراف عنه أن تعلمي يقينًا أنه ليس له مطلقًا أي رغبة جادة في الزواج منكِ، وإنما ينظر إليكِ كفتاة غبية وساذجة، يسهل الضحك عليها، والتلاعب بعواطفها.
سابعًا: استمراركِ في التعلق به ضرب من السَّفَهِ والعبث والمراهقة، وفتنة وتزيين من الشيطان، فاحذري الانسياق معها.
ثامنًا: في الغالب أن المتعلقة بمعشوقها تراه أفضلَ شيء في الوجود، وقد ترى النصح بالبعد عنه ضربًا من التشديد والتسفيه، وهذا أيضًا من الحيل الشيطانية للصَّمم عن سماع التحذير من الفتنة.
تاسعًا: تذكري قوله سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
عاشرًا: لا تنسَي سببًا مهمًّا جدًّا ينسيكِ إياه؛ وهو الإكثار من الدعاء بصدق، بصرف قلبكِ عن التعلق به؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
حادي عشر: من المساوئ الخطيرة للعشق أن العاشق يهيم بمعشوقه ويشغف قلبه بحبه، فينسيه ذلك حب الله سبحانه، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما أدى به ذلك إلى ولوج بعض الفتن والمعاصي؛ طاعة لمعشوقه، وتقربًا له، بل وينسيه أو يشغله عن عبادة الصلاة والذكر والتلاوة، وعن تذكر الموت وما بعده، ومن ثَمَّ يصبح قلبه قاسيًا لا يتلذذ بالعبادات، ولا يخشع فيها؛ لتشتُّتِ ذهنه في حب وهميٍّ خادع، فقِفي مع نفسكِ، وحاسبيها قبل مفاجأة الموت لكِ؛ قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185].
حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.