سياسيون ليبيون يشككون في «صدق أحاديث غربية» عن الفساد

منذ 1 سنة 226

سياسيون ليبيون يشككون في «صدق أحاديث غربية» عن الفساد

اعتبروا أن صمتهم بشأن «صراع السلطة» أساهم في الأزمة

الأربعاء - 21 جمادى الأولى 1444 هـ - 14 ديسمبر 2022 مـ

لقاء سابق يجمع موسى الكوني بليزلي أوردمان

القاهرة: «الشرق الأوسط»

عبر سياسيون ليبيون، عن «رفضهم واستهجانهم» لأحاديث بعض سفراء الدول الغربية لدى البلاد، بشأن انتشار الفساد في قطاعات بالبلاد، معتبرين أن دولهم تدعم أطراف الصراع على السلطة، ولا تساعد على حل الأزمة، مما أوجد نوعاً من «الفساد السياسي» في ليبيا.
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، ميلود الأسود، حديث بعض السفراء الغربيين عن الفساد في ليبيا «مستفزاً، حتى ولو جاء في إطار بروتوكولي ودبلوماسي». وأوضح الأسود لـ«الشرق الأوسط» أن «أغلب الأموال العامة التي تم نهبها من البلاد خلال السنوات الأخيرة، أُودعت في بنوك وعواصم تلك الدول، التي تتحدث سفاراتها عن مكافحة الفساد»، متابعاً: «الأولى بهم قبل إطلاق هذا الحديث المكرر سنوياً أن يتخذوا خطوات عملية بعدم توفير الملاذ الآمن للفاسدين ولصوص المال العام، ومحاربة عمليات غسل وتبيض الأموال إذا رغبوا في إثبات صدق نياتهم تجاه ليبيا».
وقال الأسود: «عليهم التوقف أولاً عن الفساد الأخطر الذي يباشرونه بالساحة السياسية عبر دعم الأطراف الليبية المتصارعة على السلطة مما يعرقل أي فرصة لحل الأزمة واستقرار البلاد أو محاربة الفساد وغيره من الجرائم». وتطرق الأسود، إلى مثول المواطن الليبي أبو عجيلة مسعود المريمي للمحاكمة في الولايات المتحدة، معتبرا ذلك جزءا من «الفساد السياسي الذي تضطلع واشنطن بجزء من المسؤولية عنه».
وأضاف «إذا كانوا جادين في أن نحقق تقدما بمحاربة الفساد وننعم بثرواتنا كما يرددون، فلماذا لا يقدمون ما يملكونه من معلومات عن أي (فساد سياسي) أو مالي يتعلق ببلادنا؟».
ومضى الأسود يقول: «الوضعية الراهنة من انقسام في السلطة التنفيذية وبالأجهزة الرقابية، فضلا عن وجود تشكيلات مسلحة يعرف الجميع أن لها ارتباطات بتلك الدول وغيرها، لن تنتج سوى الفوضى، التي تعد البيئة المثالية لنمو وتغلغل الفساد».
وسبق للسفارتين الأميركية والبريطانية لدى ليبيا الدعوة لمكافحة الفساد لضمان استفادة جميع المواطنين من ثروة بلادهم، فيما أبدت السفارة الإيطالية استعدادها لدعم ليبيا في معركتها لمكافحة الفساد.
واعتبر عضو مجلس النواب الليبي عبد السلام نصية، أن التصريحات الغربية بشأن مكافحة الفساد في ليبيا «غير صادقة».
وقال نصية لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يقر بأن الفساد ليس قليلا، بل إننا نرى أن الوضع الآن تخطى حدود أي تعريف لتلك الجريمة، وبات أقرب للنهب في كل مقدرات البلاد»، مستكملاً: «لكن التدخل الخارجي من قبل تلك الدول الغربية سواء عبر اصطفافهم مع هذا الطرف أو ذاك من المتصارعين على السلطة، أو عبر محاولة تسوية صراعاتهم الإقليمية والدولية على حساب مصالحنا، كان بلا جدال جزءا من الأزمة وتسبب بتزايد حجم الفساد».
ولفت نصية إلى ما يُردد عن وجود «شبهات فساد وجرائم نهب تقع في إطار تطبيق الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي أبرمت بين ليبيا وحكومات دول مختلفة في مجالات عدة، في ظل أن أغلبها تم توقيعه تحت ميزان عدم التكافؤ، بهدف السعي للاستمرار بالسلطة».
وقال عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة، إن التصريحات الغربية عن الفساد ليست إلا «تغطية لتدخلهم السافر» بالشؤون الليبية، وتحديدا دعمهم لحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تنفق أموال الخزينة العامة من دون قانون ميزانية، وبعيداً عن أي رقابة من مجلس النواب الذي سحب الثقة منها قبل أكثر من عام.
وأشار أوحيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «رفض بعض تلك الدول المساس بوضعية أشخاص من شاغلي المناصب السيادية رغم بقائهم بها لسنوات طويلة، فضلا عن علاقتهم بشكل أو بآخر ببعض قيادات التشكيلات المسلحة»، معتبراً أن كل هذا يعد «تدخلا غير مبرر ينطوي على شبهات فساد».
فيما وصفت الأكاديمية فيروز النعاس، الحديث الدولي عن الفساد في ليبيا بمثابة «الدعابة» التي قالت إنها تثير «الاشمئزاز لا الضحك». وقالت النعاس لـ«الشرق الأوسط» إن «أغلب المسؤولين السياسيين والدبلوماسيين الغربيين يكررون دائما حرصهم على استقرار ليبيا ووحدتها، وضرورة إجراء الانتخابات وتلبية حقوق أكثر من مليوني ونصف ناخب، ولكن دون أي محاولة جدية لتحديد وكشف الأطراف المسؤولة عن إعاقة هذا الاستحقاق أمام الرأي العام».
وأشارت في السياق إلى «عدم إعلان البعثة الأممية نتائج واضحة فيما يتعلق بالشكاوى التي وصلتها عن تقديم رشى مالية لبعض أعضاء (ملتقى الحوار السياسي) خلال مرحلة التصويت لاختيار السلطة الانتقالية الراهنة»، موضحة «اكتفت المستشارة الأممية السابقة، ستيفاني وليامز، حينذاك بالوعد بإجراء تحقيق حول الأمر، ولم تقم تلك الدول المهتمة بالشأن الليبي بالتساؤل حول نتائج هذا التحقيق».
وأكملت «بالتأكيد هم يعرفون النتيجة ولكنهم رغبوا في حجب المعلومة ليستخدموها في أغراض سياسية، ثم إنهم يقومون الآن بتقديم المحاضرات والنصائح لنا حول خطورة الفساد وضرورة محاربته».
أما مسؤول قسم القانون الدولي الإنساني باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بشير العموري، فأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الليبيين باتوا «لا يقيمون وزنا لتلك الأحاديث الغربية»، «لإدراكهم أن المصلحة فقط هي من تحرك تلك الدول».