«سانت ليغو» يفجر خلافات بين المستقلين والأحزاب في البرلمان العراقي

منذ 1 سنة 230

«سانت ليغو» يفجر خلافات بين المستقلين والأحزاب في البرلمان العراقي

انسحاب الصدر من المشهد السياسي أغرى بعض القوى للعودة إلى القانون المثير للجدل

السبت - 4 شعبان 1444 هـ - 25 فبراير 2023 مـ

جلسة سابقة للبرلمان العراقي (حساب البرلمان على «تلغرام»)

بغداد: «الشرق الأوسط»

فشل البرلمان العراقي في عقد جلسته المقررة أول من أمس الخميس والمكرسة لمناقشة تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي، بسبب الخلاف الحاد بشأن «قانون سانت ليغو» الذي تريد القوى الحزبية العودة إليه مجدداً. وقد تم تأجيل الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل، نظراً لانعقاد الدورة الرابعة والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي في بغداد، اليوم السبت وغداً الأحد، لكن لا تلوح في الأفق بوادر انفراج، بسبب اختلاف الرؤى بين القوى التقليدية والحزبية التي تريد اعتماد نظام الدائرة الواحدة، من جهة، والقوى المدنية والمستقلة التي تريد اعتماد نظام الدوائر المتعددة والفوز بأعلى الأصوات، من جهة أخرى، على غرار القانون الذي أجريت بموجبه الانتخابات البرلمانية الأخيرة أواخر عام 2021. وقد أظهرت الانتخابات البرلمانية لعام 2021 تبايناً واضحاً في الأوزان الانتخابية لبعض القوى السياسية، لكنها من جانب آخر مكنت عدداً كبيراً من المستقلين من الفوز بمقاعد في البرلمان، وهو ما أدى إلى إرباك المشهد السياسي الذي لم يعتد على ذلك منذ عام 2005، وكانت تلك أول دورة برلمانية يجري فيها اعتماد نظام «سانت ليغو» وتعديلاته، وأدت إلى بروز كتلة نواب مستقلين يبلغ عددها نحو 60 نائباً.
وسانت ليغو طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، بطريقة أكثر عدالة. ولكن التجربة العراقية، أثارت جدلا بعد استخدام هذه الصيغة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية عام 2014، وكان من نتائجها أن حصلت القوائم الصغيرة على مقاعد محدودة، ما أثار السخط، خاصةً من جانب المستقلين والقوى المدنية. وتم تعديل القانون الذي جرت انتخابات 2021 بموجبه وكان أحد شروط «انتفاضة تشرين» عام 2019، التي استمرت لأكثر من سنة، وسقط فيها عشرات القتلى والجرحى. وكان من بين شروط تلك الانتفاضة إقالة حكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، وتغيير قانون الانتخابات، وتغيير مفوضية الانتخابات. لكن، وفي ضوء التطورات الجديدة التي تمثلت في انسحاب التيار الصدري الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات التي جرت عام 2021، بكتلة بلغت نحو 73 مقعداً، وفي ضوء تمكن قوى «الإطار التنسيقي» من الاتفاق مع الكرد والسنة على تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، جرى الاتفاق بين قوى «ائتلاف إدارة الدولة» على العودة إلى القانون القديم الذي يعتمد على الدائرة الواحدة، باعتماد القوائم الكبيرة وفقاً لقانون «سانت ليغو» الذي يرفضه المستقلون والقوى المدنية.
وفي هذا السياق، يقول العضو المستقل في البرلمان العراقي ووزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق، عادل الركابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «القانون الجديد الذي هو محل نقاش داخل البرلمان يخدم في النهاية القوى الكبيرة، ولا يعطي مقابل ذلك أي فرصة للمستقلين أو القوى المدنية أو القوائم المنفردة»، مبيناً أنه «يجبر الجميع على الائتلاف في كتل كبيرة لخوض الانتخابات». وأضاف أن «المستقلين، وعددهم نحو 60 نائباً، لم يتمكنوا من استثمار الخلاف بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وبالتالي لم يتمكنوا من تشكيل كتلة كبيرة يمكن أن تساعدهم في تشكيل حكومة، لا سيما أن التيار الصدري كان قد تمسك بنصاب الثلثين الذي لم يتحقق، بينما تمسك الإطار التنسيقي بالثلث المعطل، وهو ما أدى إلى تعطيل تشكيل الحكومة لسنة كاملة».
في السياق نفسه، يرى الخبير القانوني علي التميمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القانون الجديد اعتمد على طريقة سانت ليغو في توزيع المقاعد على القوائم، وهذا يعني إغلاق الطريق على صعود الأحزاب الناشئة والشخصيات المستقلة، وسيؤدي هذا النظام الانتخابي إلى إعادة إنتاج الأحزاب والقوى المهيمنة نفسها على المشهد السياسي منذ زمن طويل». وأضاف التميمي، أن «اعتماد هذا النظام الانتخابي سوف يضعف الدور الرقابي لأعضاء البرلمان، ويجعل مواقفهم رهن إرادة وإشارة زعيم القائمة، باعتبار أن المرشح الفائز سيشعر بالالتزام أمام زعيم القائمة الذي رشحه في قائمته وفاز من خلالها، وسيضعف التزام المرشح الفائز أمام الجمهور الذي منحه الأصوات». وأوضح التميمي أنه «كان من المفترض أن يتم اعتماد نظام انتخابي عادل يمنح الناخب فرصة التعبير بحرية وإرادة تامة في اختيار مرشحه من خلال الترشيح الفردي على مستوى المحافظة، ويمنح المقعد للفائز بأعلى الأصوات في المحافظة، ثم الذي يليه في عدد الأصوات، وهكذا، حتى يتم استنفاد توزيع جميع مقاعد المحافظة».
وبيّن التميمي أن «توزيع نسبة المقاعد للأقليات الكوتا ليس عادلا، وفيه إجحاف بحق المكون الكردي الفيلي والمكون الكردي الشبكي وهما جماعتان من الأكراد العراقيين، ناهيك من منح مقاعد كوتا في مجالس المحافظات، وهو لا يستند إلى مبرر معقول. فإذا كان مبرر منح الأقليات كوتا ضمن البرلمان لضمان تمثيلها وحضورها في السلطة التشريعية، فما المبرر أن يتم اقتطاع مقاعد من استحقاق المحافظة لتمنح للأقليات في مجلس المحافظة، وهو مجلس خدمي؟».


العراق أخبار سياسة عراقية

أخبار ذات صلة